ثغرة الدفرسوار والحقيقة الضائعة
ثغرة الدفرسوار والحقيقة الضائعة
في يوم 13 أكتوبر اكتشفت طائرة استطلاع أمريكية، لم يستطع الدفاع الجوي المصري إسقاطها بسبب سرعتها التي بلغت ثلاث مرات سرعة الصوت وارتفاعها الشاهق، وجودَ ثغرة بين الجيش الثالث في السويس والجيش الثاني في الإسماعيلية.
فقام الأمريكان بإبلاغ إسرائيل ونجح شارون قائد إحدى الفرق المدرعة الإسرائيلية بالعبور إلى غرب القناة من الثغرة بين الجيشين الثاني والثالث، عند منطقة الدفرسوار القريبة من البحيرات المرّة بقوة محدودة ليلة 16 أكتوبر، وصلت إلى ستة ألوية مدرعة، وثلاثة ألوية مشاة مع يوم 22 أكتوبر.
في يوم 17 أكتوبر طالب الفريق الشاذلي بسحب عدد 4 ألوية مدرعة من الشرق إلى الغرب؛ ليزيد من الخناق على القوات الإسرائيلية الموجودة في الغرب، والقضاء عليها نهائيًّا، علمًا بأن القوات الإسرائيلية يوم 17 أكتوبر كانت لواء مدرع وفرقة مشاة فقط، وتوقع الفريق الشاذلي عبور لواء إسرائيلي إضافي ليلًا لذا طالب بسحب عدد 4 ألوية مدرعة تحسبًا لذلك، وأضاف أن القوات المصرية ستقاتل تحت مظلة الدفاع الجوي وبمساعدة الطيران المصري وهو ما يضمن التفوق المصري الكاسح وسيتم تدمير الثغرة تدميرًا نهائيًّا، وتعدُّ هذه الخطة من وجهة نظر الشاذلي تطبيقًا لمبدأ من مبادئ الحرب الحديثة، وهو “المناورة بالقوات”.
لكن السادات وأحمد إسماعيل رفضا هذا الأمر بشدة، بدعوى أن الجنود المصريين لديهم عقدة نفسية من عملية الانسحاب للغرب منذ نكسة 1967، وبالتالي رفض السادات سحب أي قوات من الشرق للغرب، وقال بغضب للشاذلي: “أنا لا أريد أن أسمع منك مرة أخرى هذه الاقتراحات، إذا أثرت هذا الموضوع مرة أخرى فإنني سأحاكمك”.
لقد أصاب كلام السادات الفريق الشاذلي بجرح عميق، مما جعله يفكر في الاستقالة، ولكن طرد هذا من خاطره؛ فلا يمكن أن يترك القوات المسلحة في وقت الشدة- كما يقول في كتابه-.
ويوضح الشاذلي أن القضاء على الثغرة يوم 16 من أكتوبر كان سهلًا وممكنًا لو لم يثر السادات في وجهه وكأنه ارتكب حماقة.
الفكرة من كتاب مذكرات حرب أكتوبر
يتحدث الفريق سعد الدين الشاذلي عن أحداث حرب أكتوبر المصرية في كتابه “مذكرات حرب أكتوبر”؛ الذي جاء في عدة فصول أرخ فيها الشاذلي شهادته الكاملة عن فترة الإعداد للحرب وصولًا إلى روايته لما دار من وقائع خلال سير العمليات الحربية، وما دار خلف الأبواب المغلقة في غرف العمليات، وكيف تم التخطيط والتنفيذ لحرب أكتوبر والأخطاء الجسيمة التي تلت النجاح الابتدائي الباهر، كما يكشف الصدام الواقع بين العسكريين والسياسيين.
مؤلف كتاب مذكرات حرب أكتوبر
الفريق سعد الدين الشاذلي (1 أبريل 1922- 10 فبراير 2011)، هو قائد عسكري مصري، شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، وأمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية وسفير سابق لمصر لدى إنجلترا والبرتغال ومحلل عسكري. ويعدُّ واحدًا من أهم أعلام العسكرية العربية المعاصرة، ويوصف بأنه الرأس المدبر للهجوم المصري الناجح على خط الدفاع الإسرائيلي بارليف في حرب أكتوبر المجيدة، وهو واضع خطة العبور.
كتب العديد من الكتب عن الحروب والسياسة منها: “حرب أكتوبر، والخيار العسكري العربي، والحرب الصليبية الثامنة وأربع سنوات في السلك الدبلوماسي”.