تحليل أسباب الانتشار
تحليل أسباب الانتشار
من الطبيعي أن تتعرض أية أسرة للأحداث الصعبة والتحديات التي تهدد استقرارها، ولكن الاستمراريّة تكمن في مواجهة هذه الصعوبات بالشكل السليم الذي يحافظ على البيت وأفراد العائلة، على أن الوضع صار دائم التهديد في وقتنا الحالي وأصبحنا نعاني التفكك والانهيار بسبب تغير القيم وظهور أمور جديدة دخيلة على حضارتنا الأخلاقية، لذا فقد اتضح أن من أهم أسباب الطلاق الخيانةَ الزوجيّة، وعدم التفاهم، وغياب الحوار الصحيّ، والعنف والفساد الأخلاقي، وتدخل الأقارب، إلا أنه قد لُوحظ أن المشكلات الماديّة من أعظم أسباب الطلاق، وذلك ما تشهد به المحاكم، ويمكننا تفسير ذلك بأن المشكلات المادية تندرج تحتها تلبية كثير من مُتطلبات الحياة، وقد يلعب الفتور العاطفي دورًا في هدم البيوت أيضًا، فعندما يفقد كلٌّ من الزوجين مشاعره تجاه الآخر ويصبحان جسدين بلا روح، قد يصل بهما الحال إلى الفرقة والطلاق، ولذلك يجب الأخذ في الحسبان أن غياب مشاعر العطف والحنان واللجوء إلى العنف وفرض الآراء والانتصار للنفس، أمور تؤدي إلى استحالة العيش أو صعوبته.
وإذا جئنا إلى الأسباب التي أدت إلى وقوع الطلاق بعد العام الأول، فسنجد أن من ضمنها فتور العاطفة، وعدم وجود تعاون اقتصادي، وانعدام المسؤولية، وعدم الانسجام في المعيشة الزوجية، وسوء المعاملة، والبخل والشك، وهذا كله ينتج بسبب سوء اختيار من البداية، إذ إن التسرع في قرار الاختيار قد يجني الكوارث بعد ذلك، لذا نقول إن من الأفضل عدم المبالغة في سرعة فترة الخطبة كي تتضح الأخلاق، ويتضح التكافؤ في الدين والمعيشة، لأن الطلاق المبكر له أسباب موضوعية تتعلق بعدم الدقة في الاختيار، وغياب الوعي عن صورة الحياة الزوجية الصحية والمشاركة، وضعف الالتزام الديني والأخلاقي، وعدم التوافق في المستويات العاطفية والفكرية والمعيشية بين الزوجين.
ومن الجدير بالذكر أنه قد اتضح أن الإدمان والتعاطي من أهم أسباب الطلاق المبكر أيضًا، وهذا ما يُحدث مشكلات بل ومصائب في الزواج، منها العجز والبرود الجنسي. وللحدّ من الطلاق المبكر، لا بد من تعزيز مفهوم الحياة الأسرية في وسائل الإعلام، وتحكيم الشرع، وتقوية الإرشاد الأسري حتى داخل المدارس، وتخصيص بعض خطب الجمعة للحديث عن أهمية استقرار المنزل، وإلزام الخاطبين بالدورات التأهيلية في الحياة الزوجيّة.
الفكرة من كتاب الانفصال العاطفي.. أسبابه وعلاجه
إنّ موضوع الأسرة موضوع مهمّ جدًّا، فهي اللبنة الأساسيّة في حياة الناس، وصلاح المجتمع عمومًا من صلاح الأسرة خصوصًا، بيد أن أية أسرة بطبيعة الحال تكون مُعرَّضة لموجات من الضعف وعدم الاستقرار، بل إن في عصرنا الحالي كثيرًا ما تتأثر الأُسر بالمشكلات وتقلّ أسباب تماسكها مع تسارع الزمن، وهذا مما يجعل معدلات الطلاق في ازدياد يومًا بعد يوم، وعامًا بعد عام، لذا كان من الجدير نشر التوعية بِما يخص الطلاق وأسباب انتشاره والآثار المترتبة عليه.
مؤلف كتاب الانفصال العاطفي.. أسبابه وعلاجه
محمد محروس: كاتب مصريّ الجنسيّة، يمتهن الصيدلة وهو متخصص في النوع الإكلينيكي منها، وهو صاحب رواية هردبيس.