برلين التي رأيت!

برلين التي رأيت!

تحولت قبلة رحلة الدكتور يوسف إدريس مصادفةً من آسيا إلى برلين في ألمانيا، إذ وجهت له إحدى الأكاديميات هناك دعوة لحضور “أسبوع الحضارة المصرية” برفقة وفد مصري، وكانت الأكاديمية في مكان معزول تقريبًا عن وسط برلين، وتم إحضار الوفد المصري الذي ترأسه يوسف إدريس بسرية تامة وفي تكتم شديد يثير الغرابة، لقد كان المؤلف يعتقد أن دعوة الأكاديمية لهم تمثل خطوة جديدة في انفتاح الألمان على العرب بعد أن دعمت الكيان الصهيوني قلبًا وقالبًا كتكفير عن خطايا الألمان بحق اليهود سابقًا، ولكن شيئًا كهذا لم يظهر!
كان الحضور قد تم اختيارهم بعناية شديدة، ثلاثون شخصًا هم فقط من يستمعون إلى الوفد المصري الذي أراد إسماع ألمانيا الحقائق والآراء في قضايا كثيرة من بينها قضية الصراع العربي الإسرائيلي، ولكن ما الفائدة من إسماع طائفة من الناس تم اختيارهم بالأساس حتى ولو أنصتوا أشد الإنصات؟! لقد وجد الكاتب في فعاليات ذلك الأسبوع وندواته شخصيات ظاهرها السلامة وحسن النية والتسامح ولكن بواطنها تقول غير ذلك، فكان من بينهم المحامي “أفنيري” صاحب حزب يدعو لتحرير إسرائيل من الصهيونية، لكن يصفه يوسف إدريس بأنه “داخل في تكوين الآلة التي تَعزف بها إسرائيل نغمة فرضها لوجودها وأطماعها. آلة تحوي العجب.. لديها لكل أذن في الدنيا بوقها الخاص الذي تَستعذِب سماعه. العلم الإسرائيلي لونه أبيض ولكن وجه إسرائيل له ألف لون، وعلى ما تهوى أنت تتلون”.
والملاحظ أن الشخصية الألمانية تختلف تمامًا عن اليابانية، فالأولى تعاني مُركب الكمال فهي ترى سيادة العرق الآري، وترى أنها هي نفسها النموذج الذي يجب أن يحتذى به دائمًا وأبدًا! فالشخصية الألمانية مُنتجة تعمل لأن العمل عندها قيمة بصرف النظر عن أي شيء آخر، كما أنها تميل إلى النظام الدقيق لكنها تفتقر إلى إبداع اللحظة الراهنة، أما الشخصية اليابانية فإنها مريضة بمركب النقص، تبحث دائمًا عن الكمال وتشعر بأنها مهما تقدمت فلا تزال تشعر بحاجة إلى المزيد؛ الأمر الذي يجعلنا نقول إن النصر سيحالفها دائمًا بخلاف الألمانية.
الفكرة من كتاب اكتشاف قارة
مقدِّمة
في رحلة الدكتور يوسف إدريس إلى آسيا لحضور أحد المؤتمرات والتعرف على ثقافة المنطقة وحضارتها كتب هذا الكتاب ناقلًا لنا مشاهد تلك القارة وخصائصها وطباعها وشخصية أهلها، وهو على ذلك يعقد مقارنات بينها وبين الشرق الأوسط والغرب، فلا يتحدث عن معالم الأمكنة والمزارات بل عن الإنسان نفسه؛ فيمزج التاريخ بالحاضر ليتنبأ لنا بالمستقبل.
مؤلف كتاب اكتشاف قارة
يوسف إدريس (1927- 1991): روائي وكاتب وصحفي مصري، درس الطب وعمل طبيبًا بقصر العيني، ثم صحفيًّا بجريدة الجمهورية ثم بالأهرام، حصل على وسام الجمهورية 1963م، وله رحلات إلى مختلف بلدان العالم.
ألف العديد من الكتب، ومن أبرزها:
البطل.
نيويورك 80.
شاهد عصره.
أرخص ليالي.
أهمية أن نتثقف، يا ناس.