انطلاقة الفاتحين المسلمين تهدِّد بيزنطية
انطلاقة الفاتحين المسلمين تهدِّد بيزنطية
ما إن استقرت الإدارة والجيوش جزئيًّا بالأقاليم الشرقية حتى خرجت أولى الهجمات العربية، وكان العرب قد توحَّدوا حول دين النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) واستطاعوا اجتياح فلسطين ودمشق، وقد عبأ هرقل جيشًا لصدهم لكنه أُبيد بالكامل في معركة اليرموك عام 636م ليستمر الزحف العربي الإسلامي ويسيطر على القدس وأنطاكية وقيصرية وفلسطين، ولم يعد شيء يعرقل فتح المسلمين لمصر، وبالفعل حدث ذلك عام 641م على الرغم من مقاومة الجيش البيزنطي الصغير خصوصًا في الإسكندرية، ليضيع كل ما صنعه هرقل.
نجح العرب في تقليص الإمبراطورية الفارسية كذلك، لكن ما أنقذ البيزنطيين هو الحرب الأهلية التي حدثت بين الخليفة علي بن أبي طالب وحاكم سوريا معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنهما)، فعطلت انطلاقة الفاتحين العرب لسنوات حتى عُيِّن معاوية خليفة للمسلمين وهيَّأ نفسه للهجوم الأخير ضد القسطنطينية وحاصرها مدة أربعة أعوام منذ عام 674م، لكن نجح القيصر قسطنطين الرابع في التصدي لهذا الحصار، وقد أمل ابنه يوستنيانوس الثاني في العودة إلى الشرق مرة أخرى، فحاول بجيشه الزحف نحو أرمينيا لكنه لقي هزيمة قاسية عام 692م، أعادت التفوق إلى العرب الذين توسعت دولتهم حتى أقاموا مدينة القيروان في إفريقيا لتسقط قرطاجة في أيديهم عام 698م.
تطورت الخلافة الإسلامية في هذا الوقت بسرعة أدهشت المؤرخين الحديثين، فبعدما استطاع قسطنطين الرابع وخلفاؤه إعادة بناء جيش ضخم من المرتزقة سُمِّيَ “التاغماتا”، سادت الخلافات المذهبية المسيحية، لتعود الانتصارات العربية على يد هارون الرشيد الذي ألحق ببيزنطية سلسلة من الهزائم المتكرِّرة وأجبر القيصر نقفور الأول على دفع الجزية، وساء الوضع أكثر بعد تغلُّب البلغار عليهم في عام 811م وحصارهم للقسطنطينية 813م.
الفكرة من كتاب تاريخ بيزنطية
في يومٍ من الأيام ظهرت إمبراطورية شامخة كانت هي أقوى البلاد على وجه الأرض، وما بين صعودٍ وهبوط لا تُنكر الحضارات بعدها أنها نهلت منها العلوم والنظم الإدارية والمالية، وهي كذلك التي أضحت يومًا ما رأس الاضطهاد لمن كان على نفس دينها، ولم يسلم من شرِّها من جاورها شرقًا وغربًا حتى سقطت على يد شاب لم تأخذه على محمل الجد، يتحدث هذا الكتاب عن تاريخ الإمبراطورية البيزنطية منذ نشأتها وحتى سقوطها على يد السلطان العثماني محمد الفاتح.
مؤلف كتاب تاريخ بيزنطية
جان-كلود شينيه Jean-Claude Cheynet: باحث فرنسي وأستاذ في التاريخ البيزنطي في جامعة باريس السوربون منذ عام 1995م، كما عمل مديرًا لمركز الأبحاث فيما يخص تاريخ الحضارة البيزنطية بالمركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا.
من أهم مؤلفاته:
أباطرة القسطنطينية.
السلطة والاحتجاجات في بيزنطية.
الأرستقراطية البيزنطية ووظيفتها العسكرية.