الهوية الجنسية
الهوية الجنسية
كثيرًا ما تجد أمًّا تمنَّت أن ترزق بطفلة ولكنها رزقت بصبي، فتعامل ابنها على أنه فتاة، وتدلِّله، وتتحدث أمامه عن أنها تتمنى لو كان بنتًا، وهكذا بعض الإناث اللاتي يُعاملن كذكور، ويعلن الوالد أمامهن أنه يكره إنجاب الفتيات، ومثل تلك الممارسات تسبِّب لدى الطفل إرباكًا في هويَّته الجنسية، وإذا تطوَّر هذا الاضطراب وظل ملازمًا للطفل حتى يكبر قد يصبح مخنثًا، أو شاذًّا جنسيًّا، ومما يسبِّب هذا الاضطراب أيضًا عدم وجود نموذج رجل أو امرأة سوي في حياة الطفل، كأن يكون نموذج الأب سيئًا وغير كفء، بالإضافة إلى الاعتداءات الجنسية والجسدية.
فالهوية الجنسية يؤثر فيها التفاعلات مع الأهل والبيئة المحيطة، فالطفل وإن كانت فطرته وخلقته تنتمي إلى جنسه، إلا أنه ينبغي تعزيز ذلك سلوكيًّا ليستقرَّ لديه، لذا فإن واجبنا أن نربي أولادنا على قيم الأنوثة والرجولة، فنربي الولد على الجلد والمسؤولية، كما نربِّي الفتاة على الحياء والرقة ومثل ذلك الغرس التربوي مهم للغاية ومطلوب، ولكن مع تحرِّي اختيار المعايير الصحيحة فلا ينشأ الطفل على ما يؤذيه، كتربية الصبي أن الرجل لا يبكي، وعلى القسوة، فليس ذلك ما يعزِّز الرجولة لديه، بينما يعزِّزها أن يصطحبه الأب في مجالس الكبار، ويُكبِره ويقدِّره ويمنحه الحب، ويجنِّبه أسباب الميوعة، فلا يفرط في تدليله، ويُمنع من التزين بزينة إخوته وملابسهم، ومن والرقص، ومن تعليم الصبي الرجولة استشارته في بعض الأمور، وتحميله بعض المسؤوليات المناسبة لعمره، ومنحه المساحة للتجريب والخطأ بحرص، بالإضافة إلى ضرورة وجود القدوة والنموذج الصالح في الأب، أو الخال، أو العم.
ومن الأخطاء الشائعة اعتقاد كثير من الآباء أن تربية البنت مسؤولية أمها فقط، مع أن دور الأب في حياة الفتاة يؤثر تأثيرًا عميقًا في نضجها وتصوُّرها عن الجنس الآخر، ومدى اتزان مشاعرها وحتى إحساسها بأنوثتها، وعندما يشبع الأب ابنته عاطفيًّا فإنها تنشأ متزنة ومستقرَّة، وأقل عرضة للانجراف في علاقات عاطفية سيئة.
الفكرة من كتاب العيال كبرت.. التربية الجنسية للأبناء
تصوَّر أنهم يريدون من الآباء أن يتحدثوا مع أبنائهم عن الجنس، إننا في آخر الزمان، صحيح لقد مات الحياء في الناس، كثيرًا ما يكون هذا رد فعل الآباء عندما يحثُّهم المختصون على تثقيف أولادهم وتربيتهم جنسيًّا، وربما هم معذورون لاختلاف زمانهم عن زمن الانفتاح اليوم، ولظنهم أن التربية الجنسية تعني تعليم الأبناء ممارسته، وهذا غير صحيح بالطبع.
إن الثقافة الجنسية هي توعية الطفل حول مفاهيم كالرجولة والأنوثة، وطبيعة الرجل والأنثى وطريقة التعامل بينهما، وضبط تصوراته عن الزواج، وإعطاؤه معلومات علمية وطبية عن جسده وتركيب ووظيفة أعضائه التناسلية، والجانب الأكبر من تلك الثقافة يهدف إلى تكوين فهم وتوجه سليم لدى الطفل عن الجنس، والجانب المعرفي المتعلق بجسده يحميه من التحرش، ومن الانحرافات والمخاطر التي يسبِّبها الجهل، ويكون تأكيد الجانب الأخلاقي والنفسي وليس الجسدي.
مؤلف كتاب العيال كبرت.. التربية الجنسية للأبناء
الدكتورة سلوى أحمد زاهر: كاتبة، مهتمة بقضايا الأمومة ومجالات تربية الأطفال.
ومن مؤلفاتها: ” العيال كبرت.. التربية الجنسية للأبناء”.