الهرمية البيروقراطية
الهرمية البيروقراطية
تتميز البيروقراطية عند ماكس فيبر بالشكل الهرمي للسلطة والنفوذ في المنشآت والمؤسسات، فنجد تنظيمًا معقدًا جدًّا لكيان إداري مكوَّن من فريق إداريين من واجبهم تنسيق مختلف أنشطة المؤسسة وتوجيهها، حيث توجد طبقة من الإداريين فوقها طبقة أخرى من الإداريين، التي بدورها فوقها طبقة ثالثة، وهكذا، بحيث تقوم كل طبقة من طبقات هؤلاء الإداريين بتنفيذ تعليمات وتوجيهات الطبقة التي فوقها، فلا يجوز لأي طبقة أن تخرج على تعليمات الطبقة التي تعلوها أو تتجاوزها، ضمن نظام يقوم على التراتبية وسلسلة من الأوامر والتبعيات التي تحدد مسؤولية كل فرد بدقة، وبالتالي فإن المؤسسة لا تحكمها العلاقات التعاقدية وحسب، بل جملة المعايير والقواعد والإجراءات والأعمال الروتينية الرسمية.
وبذلك نجد أن البيروقراطية من خلال تلك الهرمية تهدف إلى تقسيم مهام العمل وتوزيعها، بحيث يقوم كل فرد في المنشأة أو المؤسسة بجزء معين من العمل، فما إن ينتهي من عمله حتى يسلمه إلى فرد آخر يقوم بالجزء التالي من هذا العمل، وهكذا، فنكتشف من خلال هذا التوزيع للعمل أن الغالبية العظمى من العاملين في المنشآت والموظفين في المؤسسات يجهلون طبيعة سير العمل في صورته الكلية، فكل فرد يعلم فقط جزءًا من العمل، وبالتالي نجد الحاجة إلى ضرورة اللجوء إلى القواعد والإجراءات المصوغة ليتحقَّق التنسيق ثم الإنتاج.
وبناءً على ذلك فإن هناك سمتان تشملان البيروقراطية النيوليبرالية، كما ترى بياترس؛ السمة الأولى: خصوصية المعايير والقواعد والإجراءات التي تصنع البرقرطة؛ والسمة الثانية: تفاقم طبيعتها الشكلية، فيشعر الإنسان بفقدان المعنى، وهذا ما نراه يتجلى في حالة الممرضة (س)؛ فالرأسمالية من أجل أن تحقق أفضل إنتاج وتسويق تقوم مجبرة بنشر البيروقراطية الإدارية.
الفكرة من كتاب التحكُّم البيروقراطي
ترزح المجتمعات الحديثة اليوم تحت كم كبير من الإجراءات والمعايير البيروقراطية في جميع المجالات من الأعمال التجارية والمهنية إلى الحياة اليومية وعلاج مشكلات كالبطالة والفقر، حيث يجد الإنسان نفسه خلال حياته اليومية مصطدمًا بالعديد من الإجراءات والتعليمات التي تهدر الكثير من الوقت والطاقة؛ فإذا أقدم منقذ سباحة على إنقاذ أحد الأشخاص من الغرق خارج منطقة رقابته، فإن ذلك قد يعرِّضه لعقوبة مالية -الخصم من مرتبه- أو عقوبة الفصل من العمل والسبب عدم اتباع المعايير والقواعد وفق المنطق البيروقراطي النيوليبرالي!
مؤلف كتاب التحكُّم البيروقراطي
بياترس هيبو Beatrice Hebou: أستاذة في العلوم السياسية، ومديرة أبحاث في المركز الوطني للبحوث في فرنسا، لها مؤلفات عديدة، منها: “التشريح السياسي للسيطرة”، وهذا الكتاب الذي بين أيدينا.