النظرية الميركانتيلية

النظرية الميركانتيلية
يكمن جوهر السياسة الميركانتيلية في “ضرورة تحقيق فوائض تجارية مع بقية دول العالم”، وذلك عن طريق تصدير السلع والمنتجات لجلب الذهب قديمًا أو الدولار حديثًا، لذا فإن الدولة الميركانتيلية تتجنب إنفاق جزء من دخلها في الخارج، بل تُعوض النقص في الطلب المحلي الناتج عن الادخار عن طريق الطلب القادم من الخارج، وكان تطبيق الميركانتيلية لا يستبعد استخدام القوة العسكرية ودخول الحروب مع الدول الأخرى، لأنه لا يمكن لجميع دول العالم أن تحقق فوائض تجارية في آنٍ واحد.

لذا تنقسم الدول وَفق هذه الاستراتيجية إلى نوعين: “دول ميركانتيلية” تحقق فوائض تجارية، ودول أخرى “غير ميركانتيلية” لا تحقق فوائض تجارية، ومن ثم فالدول التي تنجح -وباستمرار- في أن تقوم بـ”التصدير” أكثر من “الاستيراد” تستطيع أن تحقق الفوائض التجارية، ومن ثَم اكتناز الدولار، وبناءً على ذلك تستطيع أن تحقق نموًا اقتصاديًّا عن طريق زيادة أنشطتها الإنتاجية، وعلى العكس، فإن الدول التي تكون “وارداتها” أكثر من “صادراتها” فإن الدولار يخرج منها، ومن ثم تصاب بالعجز التجاري ويتدهور اقتصادها، وبطريقة أو بأخرى تصبح هذه الدول خاضعة للدول التي حققت فوائض تجارية، وقد كان الخضوع قديمًا بأن تُستعمر أو أن تدخل في حمايتها، وحديثًا نجد أن الدول التي تصاب بالعجز التجاري لا تمتلك زمام أمورها ولا قرارها السياسي، وتخضع لإملاءات الدول ذات الفوائض التجارية، حيث تتحول الأخيرة إلى دول “دائنة”، والدول المصابة بالعجز التجاري تصبح دولًا “مدينة”.
لذلك تلجأ الدول المصابة بالعجز التجاري والتي لا تحقق فوائض تجارية مع بقية دول العالم إلى تحفيز وتنشيط وزيادة الطلب المحلي أو الداخلي، وفي حال استمر العجز الخارجي وتكرر، فإن هذا قد يعرضها لعجز خطير على المدى القصير، حيث في حال وجود أي نمو اقتصادي سوف يلتهمه العجز الخارجي، مما قد يؤدي بتلك الدول إلى التقشف وتقليل وتخفيض نفقاتها، ومن ثم فإن الدول التي تنتهج الاستراتيجية الميركانتيلية تدفع الدول التي تتاجر معها في الوقت نفسه إلى المديونية المفرطة من أجل تحفيز الطلب الداخلي لتحقيق أي نمو!
الفكرة من كتاب التوجه الصيني نحو الهيمنة العالمية.. الإمبريالية الاقتصادية
يشهد العالم حاليًّا وخلال السنوات القليلة الماضية صراعًا سياسيًّا واقتصاديًّا بين جمهورية الصين والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الهيمنة العالمية، والواقع الحالي يشير إلى أن الصين تخطت الاقتصاد الأمريكي الذي كان يعادل ثلاثة أضعاف الاقتصاد الصيني منذ أكثر من عشر سنوات!
حيث ظن الجميع عندما تبنَّت الصين النظام الرأسمالي خلال النصف الثاني من القرن العشرين أنها سوف تتجه ولا ريب نحو الديمقراطية، لكنها على عكس المتوقع أقامت نظامًا خاصًّا بها وهو “الرأسمالية الشمولية” الصينية في مواجهة “الرأسمالية الديمقراطية” الغربية.
مؤلف كتاب التوجه الصيني نحو الهيمنة العالمية.. الإمبريالية الاقتصادية
أنطوان برونيه : كاتب اقتصادي فرنسي، وعضو مركز دراسات الاقتصاد الكلي والتحويل الدولي، حاز جائزة أفضل الاقتصاديين في السوق الباريسية، ويدير حاليًّا مؤسسة (A.B.) للأسواق.
جون بول جيشار : اقتصادي فرنسي، وعضو مركز دراسات الاقتصاد الكلي والتحويل الدولي، ويشغل منصب أستاذ الاقتصاد في جامعة نيس الفرنسية، إلى جانب شغله منصب أستاذ محاضر في برنامج “جون مونيه” للاتحاد الأوروبي.
من أبرز مؤلفاتهما:
Du tsarisme au totalitarisme
L’Etat-parti chinois et les multinationales
Précis D’histoire De La Civilisation Occidentale
معلومات عن المترجم:
عادل عبد العزيز أحمد: مترجم مصري، تخرج في كلية التجارة جامعة الأزهر قسم الاقتصاد، وحصل على درجة الماجستير من جامعة باريس في التجارة الدولية، ودرجة الدكتوراه من جامعة نيس الفرنسية، ويعمل حاليًّا مستشارًا اقتصاديًّا في مكتب بيتكوم باريس، ورئيسًا للجمعية الأورومتوسطية للتنمية المستدامة في مصر ومقرها باريس، وله العديد من الأبحاث والمؤلفات والكتب المترجمة.