
النظام التجاري
يحتكم تاريخ البشرية إلى مجموعة من المبادئ والقوانين الثابتة، يمكن من خلالها تفسير أحداث الماضي والتنبؤ بما سيكون عليه المستقبل.

وفي كل مجتمع على مدار العقود الماضية تعايشت السلطة العسكرية والسلطة الدينية والسلطة التجارية معًا، وبالتناوب تحكمت كل واحدة من هذه السلطات في ثروات المجتمع لمدة من الزمن، حتى يأتي الوقت الذي تصبح فيه شرعية هذه السلطة موضع اتهام، ليسود نظام سلطة أخرى.
ويفرض النظام التجاري الرأسمالي اليوم سطوته على العالم، لكنه لم ينشأ في لحظةٍ فارقةٍ من الزمن، بل وضعت أسسه الأولى منذ عديد من العصور.
فمنذ 1300 عام قبل الميلاد بدأت الحضارة اليونانية في الدعوة إلى مجموعة من القيم، كان الإنسان فيها هو المحور الرئيس لهذا الكون، واستأثر تجار أثينا بالسلطة وبدؤوا في تأسيس نظام مالي يعتمد على إعطاء قيمة لكل شيء طبقًا لمعيار محدد يتحكم فيه التجار.
جاءت حضارة الغرب بعد عديد من العصور كي تتبنى هذه القيم وتؤسس عليها نظامها التجاري، الذي مر بعديد من المراحل ليصل إلى شكله الحالي.
ينتظم النظام التجاري الغربي حول مركز واحد تتجمع فيه طبقة التجار والصناع، ويمثل هذا المركز مصدرًا لجذب أموال التجار والصيارفة من الخارج، ويعتمد هذا المركز على المواد الأولية والأيدي العاملة التي تأتي إليه من بقية دول العالم.
ولا يخترع المركز التجاري التقنيات الجديدة، وإنما يراقب أفكار الآخرين ويطبق ما يمكن أن يفيده منها،
يحتاج هذا المركز التجاري إلى امتلاك الثروات كي يستطيع التحكم في أنظمته الداخلية والخارجية، وعندما تقل هذه الثروات يضعف هذا المركز ليحل محله أحد القوى المنافسة التي استطاعت التفوق عليه.
تسود ثقافة المركز التجاري وقيمه في بقية دول العالم، لأن الضعيف دومًا يتبنى ثقافة القوي وقيمه خضوعًا له أو أملًا في اللحاق به.
الفكرة من كتاب قصة موجزة عن المستقبل
يتقرر اليوم ما سيكون عليه العالم خلال الأعوام القادمة، وبحسب النهج الذي سوف تنتهجه المجتمعات سيتحدد ما إذا كانت الأجيال القادمة ستعيش في عالمٍ قابل للحياة، أم في عالم قد تدمرت معالمه.
يعيش العالم اليوم تحت سطوة النظام التجاري الذي جعل من الأنا والذات الفردية قيمًا مطلقة، وجعل حياة الأفراد أكثر انعزالًا وفقرًا، وحياة المجتمعات أكثر قسوةً وفوضى.
ولن تظل حال هذا العالم على ما هي عليه لكثير من الوقت، إذ تحمل تنبؤات المستقبل عديدًا من الأمور غير السارة التي تفيد أن العالم سيداوم على التغيير نحو ما هو أعظم من ذلك.
ولا يمكن تجنب العالم لهذا المصير غير السار دون محاولة فهم الأسس التي حكمت التاريخ على مدار القرون السابقة، لمعرفة أبرز التوقعات التي تتعلق بموجات المستقبل.
يحتوي هذا الكتاب على سرد تاريخي قصير لبعض الأحداث البارزة في الماضي التي كان لها أثر في ما وصل إليه العالم بشكله الحاضر، وأبرز التوقعات حول الخمسين عامًا القادمة في المستقبل.
مؤلف كتاب قصة موجزة عن المستقبل
جاك آتالي: كاتب وباحث وروائي فرنسي، حصل على الدكتوراه في علم الاقتصاد، وعمل أستاذًا في إحدى الجامعات المرموقة، كما عمل مستشارًا لأحد رؤساء فرنسا لما يقرب من العشرين عامًا، وعمل رئيسًا لإحدى المؤسسات المالية الكبرى.
له عديد من المؤلفات في السياسة والاقتصاد والأدب والفن، ومنها:
كتاب كارل ماركس أو فكر العالم.
كتاب غدًا، من سيحكم العالم؟
رواية أخوية اليقظانين.
معلومات عن المترجم:
نجوى حسن: حصلت على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة، ثم حصلت على دبلوم في العلوم السياسية من جامعة باريس الثانية، لها عديد من الترجمات عن اللغة الفرنسية، كما ترجمت عديدًا من الملفات السياسية حول موضوعات العولمة والمستقبل.