المستقبل والسلام

المستقبل والسلام
إن التطور المخيف في الصراعات والنزاعات بين الدول بالإضافة إلى سباق التسلح العالمي يعد مؤشرًا مقلقًا حيال المستقبل، فالترسانة النووية التي تتعاظم مع الوقت هي أشد ما يرعب العالم حيث تُشكِّل تهديدًا وجوديًّا للبشرية بأسرها، فالارتباط الوثيق بين قضايا الحرب والسلام من جهة وبين والمستقبل التنموي لشعوب العالم يُحتِّم العمل على تعظيم المصالح المشتركة بين الأطراف الدولية ووضع الكوابح لمنع انزلاق العالم تجاه حروب مستقبلية تُعطِّل الكثير من مساعي العالم ناحية التنمية وتُعرقل أُسس السلم الاجتماعي والأمن البيئي.

وتعالج قضايا التنمية العديد من الأسباب التي قد تؤجِّج التوترات والنزاعات، فالإجهاد البيئي والتصحُّر واستنزاف الموارد سيزيد بلا شك من معاناة بعض قطاعات السكان وبتفاعل الفقر والظلم، وقد تنشأ الحروب الأهلية وموجات من نزوح اللاجئين، مثلما حدث في أحداث الربيع والثورات العربية، والتي كان العامل الاقتصادي المتمثِّل في العدالة الاجتماعية أحد الأسباب الأساسية وراء اندلاعها، فتردِّي الأوضاع الاقتصادية وعدم قدرة الدول على إعالة شعوبها قد تتسبَّب في إسقاط العديد من أوراق الدومينو الأخرى تباعًا، الأمر الذي قد يستغرق سنوات لإعادة الأمور مرة أخرى إلى نصابها الصحيح.
وفي العصر النووي اليوم تصبح الأمور أكثر تعقيدًا، فلم تعد أي دولة الآن قادرة على تحقيق أمنها الذاتي بمفردها، بل عليها أن تتعاون مع غيرها لتحقيق ضبط النفس وعدم السماح لأي دولة أخرى أن تجرَّ العالم لنزاع نووي، فليس هناك فائز في الحروب النووية، كما أن الآثار الناتجة عن حرب كهذه لن تقتصر على الدول المتحاربة فقط، بل ستتعداها إلى الكوكب أجمع، من هنا كانت أهمية الاتفاقيات والمعاهدات الجماعية المتعلِّقة بحظر امتلاك أو استخدام أسلحة الدمار الشامل التي تشمل الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية الأخرى، والتي قد تُحدث آثارًا مدمرة للنظام البيئي في المناطق المستهدفة والمحيط الإقليمي.
الفكرة من كتاب مستقبلنا المشترك
لقد شاءت حكمة الله أن يجعل الأرض محور الحياة الإنسانية، فأمدَّها بجميع ما يحتاج إليه الإنسان الذي تمكَّن من تطوير حضارات متقدِّمة أتاحت فرصة الارتقاء وتحقيق الرفاه عبر الاستفادة والتمتُّع بالثروات الطبيعية الهائلة وتحقيق التقارب بين أجزاء الكرة الأرضية بواسطة التقدم في وسائل الاتصالات والمواصلات الحديثة، ولكن هل لتلك الأشياء أن تستمر في المستقبل؟! فإذا كان الغد وليد الحاضر فعلينا أن نقلق جراء تلك الممارسات غير المسؤولة من البشر والتي تهدِّد النظام الكوكبي بأكمله، فهذا الكتاب أشبه بناقوس خطر لمستقبل مجهول!
مؤلف كتاب مستقبلنا المشترك
اللجنة العالمية للبيئة والتنمية: تمَّ تشكيلها في إثر قرار الجمعية العامة رقم 38/161 الصادر عن الدورة الـ38 للأمم المتحدة في خريف 1983، وقد عملت اللجنة بوصفها هيئة مستقلة على بناء مستقبل أكثر ازدهارًا وعدالةً وأمنًا، لأنها تستند إلى سياسات وممارسات من شأنها توسيع واستدامة القاعدة البيئية للتنمية في مجالات السكان والطاقة والصناعة والأمن الغذائي، والعلاقات الاقتصادية الدولية والتعاون الدولي وإدارة البيئة.