المحاولات الفاشلة لغزو مصر
المحاولات الفاشلة لغزو مصر
احتلت مصر مكانة كبيرة في السياسة الخارجية لفرنسا اعتبارًا من نهاية القرن العاشر، ويمكن اكتشاف آثار هذا الاهتمام منذ زمن بعيد؛ فقد استقبل بيبان لي بريف بعثة عباسية من مصر، إلا أن ابنه الملك الإفرنجي شارلمان هو الذي أولى الشرق أهمية خاصة؛ فقد أرسل بعثة إلى هارون الرشيد، وحمل مبعوثوه الهدايا عند عودتهم من قبل أبي العباس، لكن هذه الهدايا لم تمنع وقوع المواجهة بين الغرب المسيحي والشرق المسلم.
وبدأت العلاقات في التدهور مع وصول الكابسيون إلى الحكم، والذين وجدوا صعوبة في فرض سلطانهم بفرنسا، وبدأت أول حرب صليبية عام 1099 انتزع فيها الصليبيون القدس من أيدي سادتها وهم المصريون الفاطميون، وشارك في الحرب الثالثة منها فيليب أغسطس مع ريتشارد قلب الأسد مدفوعًا بطموحاته السياسية، واستوليا على عكا عام 1199، إلا أن عودته إلى فرنسا وعدم استقرار السلطة أجبراه على إعادة تقييم الموقف، وأخْذ قرار بغزو مصر.
وقدم فيليب أغسطس مساعدات للحربين الصليبيتين الرابعة والخامسة الموجهتين ضد القاهرة، إلا أنهما فشلتا، ولكن حفيده لويس التاسع جهز بعناية فائقة للحرب ضد مصر، وجمع لحملته مبالغ طائلة من كل أنحاء أوروبا، ونزل مصر من ميناء دمياط واستولى عليه، لكنه عندما عسكر أمام مدينة المنصورة، أُسِر هو و12.000 من رجاله، وغادر مصر مقابل فدية قدرها 400.000 قطعة ذهب.
وتعدُّ هذه الهجمة أول مشروع لغزو مصر، وقد كانت مصر مفتاحًا للمدينة المقدسة، كما أن هذه الحادثة أعجبت كتَّاب وفناني العصور الوسطى وعصر النهضة؛ ومن هنا دخلت مصر في التاريخ الفرنسي، وقدمها جوانفيل بوصفها أرضًا ذات طابع خاص وفريدة، كما أن طموح فرنسا السياسي لم يتحول عنها حتى حملة بونابرت، فعلى سبيل المثال: كان فيليب الثالث ابن لويس العاشر مصممًا على تحقيق حلم جده، كما جهز البابا جريجوري العاشر حملة صليبية كبرى أخرى على مصر، إلا أن الملك أدرك أن حملته غير مقدَّر لها حظ كبير من النجاح؛ فألغى الفكرة، وحذا حلفاؤه حذوه.
الفكرة من كتاب الولع الفرنسي بمصر من الحلم إلى المشروع
يتحدث هذا الكتاب عن أسباب ولع الفرنسيين بمصر على مر التاريخ، وكونها محور اهتمامهم، حيث نبتت في أذهانهم كفكرة سحرتهم بجمالها، لا كمادة لمتحف، وملهمة لمشاريع عظيمة وفتوحات عاطفية وأدبية وفنية، لا فتوحات عسكرية فقط.
كما أن هذا الولع تحوَّل إلى مشروعات حقيقية أُرسِل على إثرها مستشرقون وعلماء وجواسيس لدراسة مصر وأحوالها ومعرفة مدى مناسبة الغزو لها، وتقصِّي أحوالها وأحوال أهلها.
مؤلف كتاب الولع الفرنسي بمصر من الحلم إلى المشروع
أحمد يوسف: كاتب مصري، ولد بمدينة الإسكندرية وأتم دراسته الثانوية بها ثم انتقل إلى القاهرة، ودرس بكلية الألسن، وعمل بها معيدًا ثم مدرسًا مساعدًا، وحصل عام 1992 على الدكتوراه من جامعة السوربون عن رسالة “مصر في الخيال الجمعي الفرنسي”.
له مجموعة من المؤلفات، أهمها: “كتوكتو المصري”، و”الأسرار السبعة لمكتبة الإسكندرية”، و”نابليون ومحمد”، وكلها نشرت في فرنسا.