الكوليسترول المظلوم

الكوليسترول المظلوم
من المعروف أن الكوليسترول هو نوع من أنواع الدهون التي نأكلها وتمدُّنا بالطاقة، وعلى غير المتوقع فإنه مفيد للجسم إذ يقوم الكبد بتصنيع مقدار معين منه يتناسب مع ما نتناوله، أي إذا زاد دخوله مع الطعام انخفضت الكمية التي ينتجها الكبد والعكس صحيح، هذا الكوليستيرول يدخل في تركيب جدار الخلية ويتركز في الأنسجة العصبية ليسهم في توصيل الذبذبات الكهربية والإشارات التي يصدرها المخ بين الخلايا العصبية، كما يساعد الخلايا على القيام بوظائفها الحيوية، وإنتاج الهرمونات الجنسية والكورتيزون وعصارة المرارة، وكمصدر لإذابة بعض الفيتامينات (“أ”، “د”، “هـ”، “ك”)، لكن ارتفاعه عن الحد الطبيعي ولفترات طويلة هو مؤشر الخطر ونذير الشؤم بمضاعفات لا تحمد عقباها.

بالتأكيد لدينا الآن سؤال بديهي، فكيف يحمل الدم جزيئات الكوليسترول؟ أليس من المعلوم أن كلًّا من الماء والدهون لا يختلطان؟ الإجابة في غاية البساطة تظهر فيها الدقة الإلهية، فجزيئات الدهون تقوم بالاتحاد مع جزيئات من المواد البروتينية لتستطيع الذوبان والسير خلال تيار الدم، ويسمى ذلك المركب “البروتينات الدهنية”.
وكما ذكرنا سابقًا فإن الأحماض الدهنية تختلف فيما بينها لتعطي خواص كيميائية مختلفة التأثير، وبالتالي فإن الكوليسترول ذاته يختلف من نوع إلى آخر، فهناك نوع مرتفع الكثافة (HDL)، ونوع منخفض الكثافة (LDL)، والنوع الأخير منخفض الكثافة جدًّا (VLDL)، لكل نوع من الأنواع خصائص مختلفة، فالنوعان منخفضا الكثافة هما الأكثر ضررًا، إذ يميلان إلى الالتصاق بجدران الشرايين، ما يسبِّب التصلب أو أمراضًا أخرى تترتَّب على ترسُّبه، بينما النوع مرتفع الكثافة يقاوم التصاق نظيره منخفض الكثافة على الشرايين التي يمر من خلالها ويقلِّل من مستواه بالدم، لذا يعد أقلها خطرًا وصاحب الفائدة الأكبر.
الفكرة من كتاب خطر يهدِّد صحتنا اسمه ارتفاع الكوليسترول
كثيرًا ما ننجرف وراء التغيرات الحادثة في طريقة تعايشنا مع عالمنا الآخذ في النمو، ثم يأسرنا الانبهار بمتطلبات الحياة العصرية، فترانا منهمكين في مواكبة ما تعجُّ به الحياة من سرعة وازدحام وضيق في الوقت وسعي مستمر نحو المال لتحقيق الرفاهية وكنز الأملاك وإشباع الرغبات الدنيوية، هذا النمط المعيشي يترتَّب عليه المزيد من الضغط والتوتر، إضافةً إلى سلوكيات يومية تستهلك صحة الفرد بتدمير عاداته الغذائية السليمة، فترى الناس كبارًا وصغارًا على حدٍّ سواء يميلون إلى الأعمال المريحة الخالية من المجهود البدني، واختصارًا للوقت تراهم مفرطين في تناول اللحوم أو الأطعمة سريعة التحضير المشبعة بالدهون الضارة والسعرات الحرارية، ما قادنا لخلق مجتمع مليء بالأمراض، يتزامن معه ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين والذبحات الصدرية، بين فئات صغيرة يفترض تمتعها باللياقة والصحة، وهذا مؤشر خطر يؤرقنا.
السبب الرئيس لمثل تلك الأمراض ناتج عن سلوكيات غربية دخيلة وعادات خاطئة فرضتها الحياة المعاصرة هو ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وهذا هو مضمون كتابنا الموجود ضمن سلسلة الدكتور أيمن الحسيني المتحدثة عن الأمراض المتفشية في مجتمعاتنا بلهجة تحذيرية صادقة، جاء فيه تعريف شامل بالكوليسترول والفرق بين أنواع الدهون المختلفة، والغذاء المسموح والطعام الممنوع، ثم إجابات وافية لأكثر الأسئلة ورودًا في هذا الشأن.
مؤلف كتاب خطر يهدِّد صحتنا اسمه ارتفاع الكوليسترول
أيمن الحسيني: كاتب مصري وطبيب استشاري الأمراض الباطنة وخبير التغذية والأعشاب، مختصٌّ في مجال الطب الحيوي، وله العديد من المؤلفات المبسطة في مختلف مجالات الطب والصحة العامة والطب البديل، نذكر منها: “دليل الأسرة في الإسعافات المنزلية”، و”الثوم الساحر.. دواء طبيعي في مواجهة أمراض العصر”، و”هل تعاني من ألم الظهر؟”، و”عزيزي مريض الروماتيزم”.