الغيرة المرَضية
الغيرة المرَضية
في البداية يمكننا تقسيم الغيرة إلى بضعة أنواع؛ الطبيعي منها هو شعور المرء بالخوف أو التهديد بفقدان ما يحبه وما يرغب به، وقد يكون هذا الخوف طبيعيًّا نتيجة لوجود تهديد حقيقي صريح، والغيرة هي حالة وجدانية عند كل البشر باختلاف جنسهم أو سنهم أو حتى قيمهم ودينهم، فقد يغار الأطفال عندما يشعرون بأن هناك من يأخذ اهتمام أحبتهم منهم.
والنوع الثاني هو الذي لا يشعر بالغيرة: متبلِّد لا يشعر بقيمة الأشياء أو لا يتعلَّق بها، أو حتى لا يملك مشاعر قوية تجاه أي شيء، وهذا لا يجعله يمشي في طريق امتلاك أي شيء، فليس لديه طموح لأنه لا يغار من منزلته ومنزلة من حوله.
إذن فالغيرة شعور محمود، لكن عند بعض الرجال قد يزيد الأمر فيصل إلى الغيرة المتطرفة: وهي نابعة عن حساسية زائدة نتيجة لشعوره بالعجز أو بالحقارة، وكلما زاد هذا الإحساس بالدونية أراد الإنسان أن يخرجه على من يشعر أن له قدرًا عاليًا ليعوِّض نقصه ويشعر بأنه أعلى منه، وهذا نوع متطرِّف من الغيرة ولا يمكن علاجه لأنها ليست مرضًا، بل اضطرابات في الشخصية.
أما الغيرة المرضية فهي اقتناع المريض بفكرة خاطئة عن خيانة الطرف الآخر له، وعدم تصديقه للعكس، بل وبحثه المستميت ليجد أدلة تثبت للآخرين ما يفكر به دون أن يُتهم بالجنون!
وقد تتعدد أسباب هذا المرض مثل: الإدمان الذي يؤدي إلى الضعف الجنسي الذي يُشعِر الرجل أن امرأته بالتأكيد ستنظر إلى غيره، أو مريض الفصام الذي يعاني حالة خفية من المثلية الجنسية فتجده يتهم زوجته بالخيانة مع رجل ما لأنه هو نفسه يراه جميلًا ويشعر بالرغبة فيه، لكنه في الحقيقة يُظهر كرهه له بحجة خيانة زوجته مع هذا الرجل، وكأنه بهذه المشاعر يحاول التخلُّص من مشاعر المثلية بأن يشعر بالاضطهاد تجاه هذا الشخص.
المشاعر هي جزء من شقاء الإنسان في الأرض، فمن وجد هذا الشخص فليحاول مساعدته ولايتعلَّل بمرضه ليتركه، بل هذا أدعى إلى المساعدة، والعقاقير في هذا المرض الذي يشبه الفصام تجدي نفعًا كبيرًا.
الفكرة من كتاب أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي
قبل أن نبدأ إن كنت تظن أن زيارة الزوج أو الزوجة للطبيب النفسي بسبب مشاكل زوجية فقط، فأنت لا تعي من حقيقة الأمر شيئًا، فمشاكل كثيرة تحدث بعد الزواج لا نلقي لها بالًا رغم أنها قد تودي بحياة أصحابها لها جذور قديمة، لكننا نشعر بآلام الآخرين الجسدية لأنها مرئية ولأننا نستطيع سماع آهاتهم، أما بالنسبة للآلام النفسية فلا يراها أحد، رغم أنها قد تصل بالمرء إلى الانفصال عن واقعه، أو حتى الانتحار لشعوره بالضيق وعدم وجود مساعدة؛ لذلك كان واجبًا علينا ألا نهمل العلامات الواضحة التي تحتاج إلى علاج؛ حرصًا منَّا على صحة ذوينا، فبم تشعر المرأة بعد الطلاق أو الترمُّل؟ ما الجزء الذي لا نراه؟ وما الذي سيشعر به الرجل إن وجد من ينافسه في حب زوجته؟ وما سبب حدوث النفور الشكلي أو الزهد؟
يجيب الدكتور عادل صادق عن هذه التساؤلات وأكثر، ويوضح العلامات التي تتطلَّب مساعدة نفسية على لسان أصحابها، ثم يعلق عليها باعتباره الطبيب النفسي لهما، فيتناول الموضوع من وجهة نظر علمية، ويحاول طرح حلول بسيطة لهذه المشاكل لعل أحدهم يجد حالًا مشابهًا لما يمر به ويعرف الحل.
مؤلف كتاب أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي
الدكتور عادل صادق عبدالله عامر: طبيب نفسي مصري ولد في التاسع من أكتوبر 1943، حصل على دكتوراه في الأمراض العصبية والنفسية، وحصل على زمالة الكلية الملكية بلندن، وزمالة الجمعية الأمريكية للطب النفسي، وشغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب، وعمل رئيس تحرير لمجلة “الجديد” في الطب النفسي.
وكتب العديد من المقالات لصحيفة الأهرام، توفي في 14 سبتمبر 2004، عن عمر يناهز الستين، بعد أن ترك لنا إرثًا من روائع كتاباته، فله أربعة كتب باللغة الإنجليزية، وثلاثون كتابًا باللغة العربية، منها: “العشق”، و”كيف تصبح عظيمًا؟”، و”الغيرة والخيانة”، و”متاعب الزواج”، و”كيف تنجح في الحياة؟”، و”الألم النفسي والألم العضوي”، و”الطلاق ليس حلًّا”، و”مباريات سيكولوجية”.