الغرس المُبكر
الغرس المُبكر
الغرس يتم في المراحل العُمرية المبكرة للأطفال، وكل مرحلة عمرية وعقلية تناسبها أساليب محددة، فعلى سبيل المثال الطفل في العام الثاني من عُمره لا يمكن تحفيظه القرآن، لكن يمكن البدء بأولى خطوات الغرس وهي كون الوالدين قدوة له، من خلال شعوره بحب والديه للقرآن الكريم وتلاوتهم للقرآن أمامه، واعتيادهم قراءة سورة الكهف كل جمعة في تجمع عائلي، وربط هذا التجمع بالهدوء وبعض الحلوى كي تظل ذكرى جيدة عند الطفل، وكذلك ملاحظة فرحة واستمتاع والديه بالاستماع لشيخٍ محدد يتلو القرآن الكريم، وفهم تقديس والديه للمصاحف وحفظهما لها في مكان مميز ونظيف، كما أن على الوالدين ألا ينهرا أطفالهما عند قراءتهم للقرآن، بل يطلبا منهم الجلوس معهم وتقبيل المصحف من باب التقدير، وتشغيل القرآن الكريم من خلال المذياع في السيارة أو حتى عند أداء الأم للأعمال المنزلية من خلال التلفاز أو تشغيل محطة مخصصة للقرآن، وجلوس الأب للإنصات لها بحُب وهدوء، كل ذلك لأن الطفل يتعلم بالتقليد، وبالروابط الحسية، فلا تتخل عن سعيك لكي تكون قدوة صالحة أمامه.
أما لكي تتعامل مع أطفال من سن الثلاث إلى الخمس سنوات، عليك أولًا أن تعلمهم الأدب مع كتاب الله، أي أن عليه ألا يقطع أوراقه، ولا يُلقي به أرضًا، ولا يضع فوقه شيئًا، ولا يُدخله إلى مكان غير طاهر كالحمام، ثم البدء في تعليمه تلاوة القرآن الكريم تلاوة صحيحة، إما من خلال الوالدين وإما عن طريق مُعلِّم يتصف بصفات عدة، منها: اللين، والحزم عند الضرورة، والصبر، والبشاشة، والخُلق الطيب، كي تتم عملية غرس حب القرآن وحفظه بنجاح ويُسر، مع ملاحظة عدم الضرب، أو السبّ، بل تقديم التكريم والمكافآت، ثم ربطه بآيات القرآن من خلال استخدام الحكي والأنشطة الفعالة، والقصص القرآني وابتكار وسائل جديدة حسب تفضيلات الطفل كي يتم حفظه.. والتعامل مع الفروق الفردية بين الأطفال بذكاء والصبر عليهم، وتعليمهم بعض الأناشيد المُحببة في القرآن، وتجنب العقاب الجسدي والنفسي، والإكثار من شعارات حب القرآن مثل: أنا أحب القرآن الكريم أو الله يحب من يحب القرآن، وهكذا.
الفكرة من كتاب كيف نحبب القرآن لأبنائنا (مهارات تربوية في تحفيظ القرآن)
العلم كله خير، وإن الأمم تسود بتعليمها، الذي ينعكس بالتتابع على أخلاقها ومعاملاتها، فما بالك بأمة إسلامية تسودها تعاليم الإسلام، وخُلق القرآن الكريم! وخير المجتمعات في التاريخ كان مجتمع الصحابة، الذين كانوا يتسابقون في حفظ القرآن الكريم قلبًا وقولًا، وسلوكًا، ويتعلمونه ثم يعلمونه لأطفالهم، طاعةً لأوامر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإتباعًا لمنهجهِ التربوي، حتى قال أحد الصَالِحينْ: “علِّم وَلدكَ القُرآن، وَالقُرآن سَيعلِّمهُ كُل شَيء”.
وتعليم القرآن لطفلك أحد أسس البناء التربوي الذي يجب أن يستهدفه الوالدين، فهو لبنة تربوية صالحة في بناء الطفل الشرعي التربوي، لذا يجب أن يستعد لها الوالدان تربويًّا وعمليًّا، وفي هذا الكتاب يرشدنا الدكتور سعد إلى كيفية تحبيب القرآن الكريم إلى أطفالنا، واستخدام وسائل تربوية لتعليمه لهم، وغرس حب القرآن في نفوس الأبناء، كي يستطيعوا التخلُّق بخُلق القرآن الكريم.
مؤلف كتاب كيف نحبب القرآن لأبنائنا (مهارات تربوية في تحفيظ القرآن)
سعد رياض: استشاري نفسي وتربوي، ومُدرب، وحاصل على ليسانس الآداب بقسم علم النفس، وحاصل على دكتوراه فى علم النفس، ومستشار جودة التعليم، ومؤهل المؤسسات التعليمية لضمان جودة التعليم، ومستشار الموارد البشرية بمركز إشراق للتدريب، ومقدم برامج فضائية تربوية على قنوات متعددة.
وله كتب عديدة منها: “أبي اجلس معي ساعة”، و”كيف نحمي أطفالنا؟”، و”الدليل الشامل للنجاح والسعادة”، و”أسعد بنت في العالم”، و”البناء النفسي للطفل: تنمية التفكير الإبداعي”.