الصراع والظاهرة السياسية
الصراع والظاهرة السياسية
نشأت الظاهرة السياسية نتيجة حتمية لوجود الإنسان على الأرض، وما لازمه من مظاهر الاختلاف والتنوُّع والندرة، فالناس مختلفون في نظرتهم إلى الحياة وإلى طريقة ممارستها، ومتنوِّعة احتياجاتهم من طعام وشراب وملبس ورفاهية، ولكن المصادر والموارد الطبيعية لا تتوزَّع حسب احتياجات المناطق والدول، وهو ما يخلق مشكلة الندرة (ندرة الموارد)، فهذا لديه وفرة من الموارد المائية، وذاك يُعاني الشح المائي، وهذه دول صناعية كبرى ليس فيها موارد طاقة وتلك دولة نامية إنتاجها وفير من النفط والموارد المعدنية.
ومن هنا تنشأ الظاهرة السياسية مترافقة مع ظاهرة الصراع الذي وُجِد بوجود الإنسان وحاجاته اللامتناهية في مقابل موارده المحدودة، وجاءت الظاهرة السياسية كمحاولة لتسوية الخلافات الإنسانية، وهذا الاختلاف والتنوُّع، وهذه الندرة إما أن تخلق تبادلًا وتعاونًا بين الأطراف المختلفة لتلبية حاجاتهم، وإما أن تؤدِّي إلى تنافس وصراع؛ تتدخَّل السياسة لتنظيمه وفق قواعد مُحدَّدة.
فالصراع إذن إما أن يكون صراعًا تنافسيًّا، يمكن للأطراف المختلفة الربح معًا، كما شهدنا معظم التفاعلات التاريخية بين الإمبراطورية الإنجليزية والإمبراطورية الأمريكية الناشئة في ظل اتفاق ضمني على تحقيق المصالح الأمريكية مع الحفاظ على المصالح الإنجليزية التي كانت مُتشعِّبة وقتها، وإما أن يكون صراعًا صفريًّا، يؤدي أي مكسب لأحد الأطراف إلى خسارة للطرف الآخر، ويصبح الأخير صراع وجود وفناء، فاليمن الجنوبي أُنهِيَ وجوده بسبب صراع صفري حسمه الشمال لصالحه فوحَّد بينهما.
وتتحدَّد طبيعة الصراع إذا كان تنافسيًّا أو صفريًّا وفق رؤية الطرف الأقوى في الصراع، أو بحسب المصطلحات السياسية فإن توازن القوى السائد بين الأطراف المتصارعة، والقضايا محل الخلاف، هي التي تُحدِّد طبيعة الصراع، فإذا كان الطرف الأضعف يراه صراعًا تنافسيًّا في حين أن الطرف الأقوى يراه صراعًا صفريًّا، فإن الرؤية السائدة تكون أنه صراع صفري.
الفكرة من كتاب قواعد في الممارسة السياسية
إن هذا الكتاب -وبعكس الكثير من الكتب السياسية التي إما أن تمدح هذا الفن وتلك الممارسة، وتمدح المُشتغلين في المجال السياسي، وإما أن تذمُّه، وتذمُّ المُشتغلين فيه وتصفهم بأشنع الأوصاف- يقدِّم رؤية متوازنة حول قواعد ممارسة العمل السياسي، فهو ليس كتابًا عمليًّا يغوص بك في عالم المفاهيم والنظريات المُعقَّدة، وإنما كتاب يُرشدك إلى أسس فهم عالم السياسة في حركته من منطلق علمي مُبسَّط.
مؤلف كتاب قواعد في الممارسة السياسية
جاسم سلطان: طبيب ومؤسِّس مشروع النهضة: سلسلة أدوات القادة، من مواليد قطر 1965، ترك الطب ليتفرغ للإجابة عن سؤال كيف ننهض؟ فأخذ رحلة علمية بين العلوم الاجتماعية والإنسانية والإسلامية لاقتناعه بمحوريتها في أي مشروع للنهضة، فألَّف مجموعة من كتب المبادئ الأولية، وأعطى عددًا كبيرًا من الدورات لفهم السياسة والاقتصاد والجغرافيا والفلسفة.
من أبرز مؤلفاته: فلسفة التاريخ: الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ، وقوانين النهضة: القواعد الاستراتيجية في الصراع والتدافع الحضاري، والذاكرة التاريخية: نحو وعي استراتيجي بالتاريخ، وأنا والقرآن: محاولة للفهم، وخطواتك الأولى نحو فهم الاقتصاد، وجيوبولتيك: الجغرافيا والحلم العربي القادم: عندما تتحدَّث الجغرافيا.