السيطرة على الإنترنت
السيطرة على الإنترنت
نظرًا إلى ما أتاحته تلك الشبكة العنكبوتية من أدوات ووسائل ساعدت على جمع الكثير من المعلومات التي لم يحلم بها البشر يومًا ما، صار الأمر أشبه بالصولجان السحري الذي يتسابق الجميع إلى الفوز به، وبالنسبة إلى الحكومات التي تسعى إلى السيطرة وتحديد ما تراه شعوبها على الواقع الرقمي، يبدو من المنطقي أن تحاول امتلاك شبكة الإنترنت في بلدانها والسيطرة عليها منعًا من استغلالها من قِبل الدول المعادية، كما تفعل الولايات المتحدة اليوم مع جمهورية الصين الشعبية وما أزمة تطبيق “تيك توك” الشهيرة عنا ببعيد.
وتستخدم الدول عددًا من الآليَّات في هذا الصدد من خلال التدخُّل الحكومي لتعديل أو سن القوانين لحماية المواطنين من المحتوى الضار وغير الشرعي وتتبُّع الجرائم الإلكترونية وبخاصة تلك التي تتعلَّق بالخصوصية واختراق الحسابات المالية للأفراد، بالإضافة إلى الدخول في معاهدات أو اتفاقيات دولية من شأنها تنظيم الاستخدام الأمثل للشبكة العنكبوتية، أو القبول الطوعي للمعايير والقواعد المنظمة من قبل مكاتب تسجيل أسماء النطاق والشركات مقدمة الخدمة والمستخدمين، وكثيرًا ما تلجأ الدول إلى ابتكار أساليب إلكترونية أكثر رقابة على المنتجات والتطبيقات الرقمية المختلفة، مما يتيح لها إمكانية غلق أو تقييد سلوك المستهلكين وتوجيههم تلقائيًّا عبر النفاذ إلى العقل الجمعي للجمهور ومحاولة إعادة تشكيله من جديد.
وأيًّا كانت النماذج أو الآليات الرقابية المطبَّقة، فإن تقنيات الإنترنت توفِّر للمستخدمين إمكانية المراوغة والإفلات من الرقابة، من خلال تغيير عناوين مواقع الويب، والاستعانة بخادم معلومات أجنبي، وتجنُّب قوائم التسجيل لدى الشركات مقدمة الخدمة بالاتصال الدولي المباشر، ونسخ المواقع الممنوعة ونشرها في أي مكان، وتشفير الاتصال وإنشاء أنفاق إلى المواقع الأجنبية الممنوعة، فالطبيعة الدولية واللا مركزية للإنترنت، تجعل أساليب السيطرة الحكومية أقل فاعلية، بل عقيمة في معظم الأحيان، ومن ثم إذا كان التدخُّل الحكومي ضرورة في بعض الأحيان لتحقيق التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية الاجتماعية.
الفكرة من كتاب الكون الرقمي: الثورة العالمية في الاتصالات
تغلغلت الأجهزة الذكية في كل مكان حولنا، وبلغت اليوم من الاعتيادية أننا لم نعد نفترض أن الشخص المنفرد الذي يُجري حديثًا بصوت عالٍ مع شخص غير مرئي بأنه مجنون، كلُّ ما في الأمر أنه يستخدم هاتفه المحمول المزود بسماعة لاسلكية، فالتكنولوجيا اليوم أضحت ظاهرة شاملة في الحضارة، والقوة المحدَّدة لنظام اجتماعي جديد أصبحت فيه تلك الآلات الذكية ضرورة على جميع مناحي النشاط البشري.
وجرت العادة أن أي ابتكار جديد يولِّد آثارًا مؤذية لا سبيل لفصلها عن الآثار المحببة وربما يطرح من المشكلات أكثر مما يحل، ومن هنا كانت أهمية هذا الكتاب الذي يطوف بنا في رحاب هذا الكون الموازي لعالمنا المادي حيث يعطي لمسات جديدة، كما يقدم رؤى نقدية وطرحًا جديدًا للمستقبل الرقمي للعالم.
مؤلف كتاب الكون الرقمي: الثورة العالمية في الاتصالات
بيتر بي سيل Peter B.Seel: أستاذٌ في قسم الصحافة والاتصال التقني بجامعة ولاية كولورادو، حيث يُدرِّس التكنولوجيات الجديدة في الاتصال وإنتاج الفيديو والتصوير الرقمي والأفلام الوثائقية، له العديد من المقالات عن تكنولوجيات الإعلام الجديدة، وهو مؤلف “الكون الرقمي” والعديد من المقالات عن التلفزيون الرقمي وتقنيات الوسائط الجديدة.