الدعاء مِسلَحة

الدعاء مِسلَحة
لعلك حين قرأت اسم المؤَلَف تعجبت وأثار بداخلك تساؤلًا عن معناه، فالاسم جديد الوقع على أذنيك، وهنا يجيب الكاتب عن تساؤلك هذا، فمسالح جمع مِسلَحَة وهي فرقة من الحراس المسلحين الذين يحمون الحدود والثغور والأفراد، وقد ورد هذا اللفظ في السنة النبوية من حديث عمارة بن شبيب السبائي (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحي ويميت وهو على كل شيء قدير»، عشر مرات على إثر المغرب بعث الله مَسلَحة يحفظونه من الشيطان حتى يصبح.

انظر كيف يكون الملائكة جنودًا مسلحين لقائل ذكر بسيط لن يتجاوز من وقته دقائق معدودة! ولا تنس أن الذكر يعدُّ دعاء أصلًا، فهناك حفظة من الملائكة، يحرسون العبد من الشيطان ووساوسه وسوئه وضرره، وذلك لجريانه منه مجرى الدم، يقول تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾، و(يحفظونه من أمر الله) أي: يحفظونه بإذن الله تعالى، فتأمل كيف سيكون حالك وأنت محاط محروس بحراس مسلحين من نور لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون!
لكن كثيرًا ما نستهين بقضية الذكر لسهولته ولاعتياده، ولو علمنا فضله لأقمنا عليه ولم ندعه ولتسلحنا به في كل ضائقة ونائبة، نعم هو يسير اللفظ ولكنه عظيم الأجر والأثر. اقرأ بعين قلبك هذا الحديث القدسي، يقول (صلى الله عليه وسلم): «قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم»، تأمل: «وأنا معه إذا ذكرني»!
الفكرة من كتاب كاشف الأحزان ومسالح الأمان
واهم هو من ظن أو اعتقد أن أهل الصلاح أو العلم أو الدعوة لا ينالهم من البلايا مثل ما ينال سواهم، وذلك لفضل علم عندهم أو تقوى، والحقيقة هي أن أشد الناس بلاء هم الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، والله إنما يبتلي العبد لحكمة ولخير إما ليعلمه وإما ليربيه أو ليفتح عينيه على ذنب كاد يهلكه، أو ليرفع درجته بهذا البلاء في الجنة درجة ما كان سيبلغها بعلمه ولا عمله وغيرها من الحكم التي لا يعلمها إلا الله.
مؤلف كتاب كاشف الأحزان ومسالح الأمان
فريد الأنصاري: عالم دين وأديب، مغربي الجنسية، حصل على الدكتوراه في تخصص أصول الفقه وعمل خطيبًا وواعظًا في العديد من جوامع مدينة مكناس بالمغرب، كما ترأس العديد من المناصب للمجالس والشؤون الإسلامية.
من أبرز مؤلفاته:
جمالية الدين.
ميثاق العهد في مسالك التعرف إلى الله.
بلاغ الرسالة القرآنية من أجل إبصار لآيات الطريق.
سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة.