الدبلوماسية وكعكة البلقان
الدبلوماسية وكعكة البلقان
كان العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى على صفيح ساخن، فيبدو أن نتائجها لم تعجب البعض خصوصًا بعدما عمت أحداث الكساد الكبير دول العالم، فانحدرت الدول مرة أخرى إلى مستنقع المعارك لتصفية حساباتها عبر وقائع الحرب العالمية الثانية التي كانت أكثر دموية من سابقتها، ولعل أبرز الوقائع الدبلوماسية إبان تلك الفترة كانت وقائع مؤتمر تولستوي الذي شملت مراسمه تلك الاتفاقية السرية التي تم توقيعها من قبل تشرشل وستالين قادة كلٍّ من بريطانيا والاتحاد السوفييتي، وبموجبها تم إرساء القواعد الأساسية فيما يخص تقسيم مناطق النفوذ في دول البلقان التي شملت كلًّا من بلغاريا ورومانيا واليونان والمجر ويوغسلافيا.
وكانت وقائع هذا الاتفاق ستبقى سرية لولا أن بريطانيا توجَّست من بعض المواقف المقلقة بخصوص السوفييت، واستباقًا لأية محاولة للغدر أطلعت بريطانيا الأمريكيين على هذا الاتفاق، وبذلك تم كشف السر، وكانت نتيجة ذلك أن تم رفضه بصورة قاطعة من قبل أمريكا التي اقترحت عوضًا عنه تشكيل لجنة ما للتشاور في إدارة شؤون البلقان، لكن تشرشل كان ذكيًّا حينما استخدم دبلوماسيته في إقناع الرئيس الأمريكي في الموافقة على الاتفاق مع تعهُّده بأخذ الملاحظات الأمريكية بعين الاعتبار، ومع تدخل السوفييت مجددًا تمت عرقلة المشهد حيث طالبوا بمباحثات مباشرة مع الأمريكيين.
ورغم تعقد المشهد فإن توازنات القوى والموقف على الأرض دفعت القوى الثلاث للدخول في مهمة دبلوماسية شاقة، بحثًا عن مواءمات أو تسوية سياسية ملائمة فيما يخص الوضع في دول البلقان بعدما تدخَّلت الولايات المتحدة الأمريكية طرفًا في مجرياتها، الأمر الذي لم يكن يبشِّر كثيرًا بالتوصل إلى علاقات تقارب في وجهات النظر، فكل منهما كان يحاول بصورة أو بأخرى فرض سيطرته على الآخرين عبر سياسة فرض الأمر الواقع التي نجح فيها السوفييت إلى حد كبير.
الفكرة من كتاب الدبلوماسية: مقدمة قصيرة جدًّا
عن طريق المفاوضات تقوم الدول المختلفة بهندسة علاقاتها الدولية مع الدول الأخرى، وهنا تظهر أهمية الدبلوماسية، فالتفاوض ما هو إلا صراع بين عقليتين تريد كلٌّ منهما فرض رؤيتها على الأخرى..
في هذا الكتاب يستكشف المؤلف تطوُّر الدبلوماسية من منظور تاريخي مستعينًا بأمثلة استقاها من مراحل تاريخية مهمة؛ مثل: الثورة الأمريكية والحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، ويُظهِر كيف تم استخدام الدبلوماسية لتشكيل أركان العالم الذي نحيا فيه اليوم، ويرى المؤلف أن الدبلوماسية هي حصان طروادة السياسة.
مؤلف كتاب الدبلوماسية: مقدمة قصيرة جدًّا
جوزيف إم سيراكوسا Joseph M. Siracusa: أستاذ الأمن البشري والدبلوماسية الدولية في المعهد الملكي للتكنولوجيا في ملبورن. اشتهر دوليًّا بكتاباته في مجالات الدبلوماسية الدولية والأسلحة النووية، والحرب الباردة.
كما أن له العديد من المؤلفات من بينها:
الأسلحة النووية.
من الكساد إلى الحرب الباردة.
تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية.