
الحوار
تعدُّ ثقافة الحوار ركيزة أساسية من ركائز تقدُّم المجتمع ونمو أفراده، وللأسف يعاني عالمنا العربي والإسلامي من سيطرة التناحر والتغالب والخلاف والجدل على جلِّ الحوارات بين مختلف الجهات في أشد المواضيع بساطة و عادية، فضلًا عن الحرجة التي قد تصل في نهاية الأمر إلى تعصُّب أعمى يفضي إلى كراهية وعدوان على الآخر، ويتم استبعاد الهدف الأساسي من الحوار، وهو الوصول إلى الحقيقة عن طريق الفهم المتبادل بين الأطراف، ويكون أساس أسلوبه قائمًا على الحكمة والموعظة الحسنة كما أمرنا ديننا.

وللحفاظ على إجراء حوار فعال مثمر ينصح أولًا بتحرير موضع النزاع أو مساحة الاختلاف في وجهات النظر والآراء لكي يتم التركيز عليها، وثانيًا- الالتزام بالاحترام المتبادل وتنمية صفات كالتعاون والمرونة والصفاء، وثالثًا- محاولة البحث عن نقاط الالتقاء والاتفاق أو الأرضية المشتركة بين المتحاورين، ورابعًا- تقبُّل تعدُّدية الآراء، وأنه ليس شرطًا أن تكون النتيجة هي فوز أحد الأطراف.
يعدُّ التعصُّب من أكبر أعداء الحوار الصحي، ويحرِّكه التفكير السيئ في الآخرين دون وجود دلائل كافية مما يسمى الانحياز التحزُّبي، ويلزم لمواجهة تلك الظاهرة ومنع توغُّلها خطة شاملة تتضافر فيها الجهود والرؤى التربوية لنشر ثقافة الاختلاف والتسامح وانتزاع جذورها من وعي الأفراد المتأثرين بها، وتوفير نشاطات آمنة لتوجيه مشاعر الإحباط والغضب وتنفيس المشاعر الفورية في اتجاهات غير مؤذية للمجتمع.
وقد يسهم بعض القادة والمربين في تنمية جذور التعصُّب، عبر عزل الأفراد وتجهيلهم أو إبقائهم انطوائيين عن المعلومات المختلفة، ويمنعون كل مظاهر الاختلاف والتمرُّد لكي يستبدُّوا بالرأي الأوحد، وقد يجابه كل ذلك بالثقافة المطلوبة.
الفكرة من كتاب رسالة في فن الإلقاء والحوار والمناظرة
نعيش في عالم تحكمه الكلمة، ورغم تأثير الإعلام الذي يضع الصورة فوق كل وسيلة فإنها تظل حبيسة الكلمة، فإنها إما أن تلحق أو تسبق بكلمة تصبغها باللون المراد لمتحدِّثها، وتعدُّ الخطابة من أهم العلوم التي توظِّف الكلمة وتهتم برفعة قدرها وشأنها.
وهناك أناس بالفطرة يتمتَّعون بموهبة الخطابة وإقناع الناس، ولكن وكأي علم فإن له مبادئ من الممكن تعلُّمها والتحوُّل إلى خطيب مفوَّه قادر على إحداث التأثير في مستمعيه، ثم نعرِّج لنتعلَّم بعض مبادئ وأشكال الحوار الصحيح وطرقه المنهجية، والذي قد يتطوَّر تحت ظروف معينة ليتخذ شكل المناظرة التي سنتعرَّف عليها أيضًا بإيجاز، ونعرف كيف يمكن أن نؤثر في الناس؟ وما الأزمة وكيفية التعامل معها؟
مؤلف كتاب رسالة في فن الإلقاء والحوار والمناظرة
الشيخ علي الفتلاوي: مؤلف له عدد من الكُتب في مجالات مختلفة، مثل: “المرأة في حياة الإمام الحسين”، و”قواعد حياتية على ضوء روايات أهل البيت”.