الحوار وثماره في المجتمع
الحوار وثماره في المجتمع
لا شك أن ظهور العولمة كان نتيجة تغييرات اجتماعية وسياسية كبيرة في أوروبا، مما أدَّى بدوره إلى نتائج بعضها محمود وأكثرها مذموم، لأن ظهورها كان مقترنًا بالمناداة إلى تدعيم الحرية الشخصية دون رقيب أو حسيب، مما أدى إلى تهميش الأدوار الفعالة في الحلقات الاجتماعية الإسلامية، وذلك بعد أن تم تصدير العولمة كمفهوم غربي إلى المسلمين دون تطويعه ليخضع لنا شأنه شأن كثير من الظواهر والمفاهيم التي تم تصديرها إلينا، فأصبح دور الأسرة محدودًا وينحسر يومًا بعد يوم، ودور المدرسة يقل هو الآخر.
كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمفهومه الشامل يكاد يختفي تمامًا إن لم يكن قد اختفى بالفعل، وعلى سبيل المثال: أصبح شكل الأسرة في مجتمعنا شكلًا شبه عسكري يمارس فيه الآباء سلطوية على الأبناء دون مساحة من المحاورة الفعالة، مما أدى إلى انفلات الأبناء والطاعة الظاهرية لعدم جدوى تلك الطريقة في التنشئة، وكذا المدارس والكتاتيب نُظُمها قائمة على الحفظ والتلقين والضرب والتعنيف، ما أسهم في انعدام الروح الإبداعية لدى الطلاب وخلق أجيالٍ لا تعتمد على نفسها ولا تشعر بالمسؤولية، ودائمة الشعور بالخوف يتملَّكها اليأس، لا تحسن التعبير عما يجول بخواطرها.
عندما يفسد أدوار أهم مؤسستين في المنظومة الاجتماعية -الأسرة والمدرسة- فالنتيجة حتمًا ستكون انحدار الأمة ككل وانتشار الأفكار العنيفة وما يتلوها من مهالك وفتن لغياب الرحمة والتنشئة على القسوة وغياب التعاون والابتكارية بسبب التربية على الاعتمادية والتواكلية، فأصبح هذا الطفل الصغير مواطنًا ينتظر الدولة لتوفِّر له طعامًا وشرابًا وعملًا.
ويتضح الفرق جليًّا بين الحوار والأساليب الأخرى في التربية، فالحوار أسلوب حياة يجب أن يُعمَّم لثماره العظيمة نفسيًّا وفكريًّا واجتماعيًّا، ولأهميته حدَّد الكاتب شروطًا حتى يصبح الحوار مثمرًا وذا جدوى؛ أولها إيمان كل شخص بأهمية التعبير عن ذاته ورغباته وأفكاره، وثانيها معرفة أن الرؤية الفردية ووجهات النظر الأحادية محدودة الفائدة لا تُسمن ولا تُغني من جوع عكس الآراء الجماعية القائمة على الشورى، وثالث الشروط أن يتقبَّل كل شخص النقد بصدرٍ رحب ويعلمَ أن ذلك النقد ليس عيبًا في شخصه وإنما في قوله أو عمله، وما التنبيه عليه إلا لهدف الإصلاح فقط، بتلك الشروط يكون الحوار مثمرًا وثمرته العظمى هي تنمية الحس النقدي للأفراد وتطوير مساهماتهم معًا في الرقي بمجتمعهم.
الفكرة من كتاب محاصرة الشرور
يتناول الكاتب الشرور التي تحاصر المجتمع الإسلامي وتهدِّد ذاته وهوية أبنائه، وما فعلته الحضارة الغربية المادية بعقول المسلمين ويفصِّل الكاتب آثار تلك الحضارة في العالم الإسلامي اليوم، ويذكر ما يناسبنا وما لا يناسبنا ويرسم حلولًا لكل مواجهة من المواجهات التي يتعرَّض لها المجتمع، كما يولي التربية والتنشئة السليمة اهتمامًا شديدًا كمحور أساسي لأي تغيير.
مؤلف كتاب محاصرة الشرور
عبد الكريم بكار: مؤلف سوري، حصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من قسم أصول اللغة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، تركَّزت مسيرته على تدريس اللغويات ومشتقاتها من أصوات لغوية ولهجات عربية ونحو وصرف وقراءات قرآنية.
يعدُّ أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي، ويسعى إلى تقديم طرح جديد لمختلف القضايا ذات العلاقة بالحضارة الإسلامية وقضايا النهضة والعمل الدعوي، ومن أشهر كتبه: “مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي”، و”من أجل انطلاقة حضارية شاملة”، و”فصول في التفكير الموضوعي”.