الحقيقة المرَّة

من ضمن جملة الفوتوغرافات التي عثر عليها بول خلال الشهر الذي قضاه في منزل أبيه، كانت صورة لوالده في صغره بمدينة ميلاده “كينوشا” ولاية ويسكونسون، ومعه فتاة وأربعة صبية، ولدوا جميعًا خلال ثماني سنوات، وكانت أمه تظهر في الصورة، سيدة ضئيلة، ومفترسة، تتحدَّث الإنجليزية بالكاد، حافظت على شمل العائلة إذ كانت هي الحاكمة لها، تُوفِّي زوجها مبكرًا، مما يعني أن جد بول لم يكن إلى جانب أبيه في مراحل حياته كلها ما عدا طفولته المبكرة، حتى إنه كان يحكي لبول عن موت جده في كل مرة حكايات مختلفة، يُوضِّح من خلالها أن أباه نفسه لم يكن عالمًا بالحقائق.

 الحل: 📚📚📚 مكتبة ضخمة جدا 

من الكتب المبسطة والمضغوطة على هاتفك مع تطبيق أخضر

تطبيق أخضر يوفر لك آلاف ملخصات الكتب العربية والعالمية بطريقة مقروءة ومسموعة في أكثر من ١٦ قسم في كافة مجالات الحياة 

حمله الآن 😎

جوجل بلاي -- أبل ستور

ومن ضمن الصور التي وجدها بول، كانت صورة ممزَّقة تجمع أباه وجدته وأعمامه، لكن لاحظ بول أن مكان القطع كان كرسيًّا يجلس عليه جدُّه، فاندهش بول وعلم بقصة موت جده عن طريق الصدفة، من خلال إحدى بنات عمه، التي قابلت في سفر ما رجلًا عجوزًا يعرف جدها، فحكى لها القصة كاملة، وحاول بول عدة مرات عدم الكتابة عنها، وما كان ذلك بسبب الخوف من الحقيقة، “جدته قتلت جده”، قامت بإطلاق النار عليه في المطبخ، لم تضايق هذه الوقائع في الحقيقة بول كما توقع، لكن ما ضايقه أكثر هو نشرها في الصحف، وتحوُّلها من قضية عائلية إلى قضية عامة، وأدرك أنه لا يمكن لصبي أن ينجو من تأثيرها تمامًا في رجولته، وطبقًا للجريدة “انفصل السيد أوستر عن زوجته بسبب بعض الخلافات على أمور مالية في أوقات مختلفة، وأيضًا اختصما على حقيقة أن السيد أوستر تجمعه صداقة بفتاة شابة تدعى “فاني”.

أما السيدة بول فصرحت بأن زوجها قتل نفسه بمسدسه، وتمسَّكت برأيها عدة أيام، حتى خدعها المفتش بأن ابنها شهد عليها وأخبرهم الحقيقة، فتوتَّرت واعترفت بالحقيقة: “أنا آنا أوستر، أطلقت النار على هاري في مدينة كينوشا، أقدم اعترافي هذا بكامل حريتي ودون إكراه”، وحاولت آنا أوستر الانتحار بعد ذلك، وحاول سامويل أخو أوستر إطلاق النار عليها، ودخل سجن البلدة، وخرجت هي بريئة من القضية.

ما من أمر باقٍ في أمور الحياة سوى الموت؛ هذه هي الحقيقة التي لا يمكن تبسيطها، يستطيع الأشخاص أن يرضوا بالموت ويرضوا بوقوعه بعد طول مرض، وأحيانًا يرجعونه إلى القدر في الحوادث العرضية، لكن أن يموت رجل دون سبب واضح، أن يموت لأنه رجل وحسب! فهذا ما يقرب الأشخاص من الحد الخفيِّ بين الحياة والموت!

يعدُّ هذا الكتاب مذكِّرات عن والد الكاتب بول أوستر الذي تُوفِّي على نحو غير متوقَّع.

بول أوستر Paul Auster: كاتب ومخرج أمريكي، ولد في 3 فبراير عام 1947، كان عضو الأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، وتعد كتاباته خليطًا بين العبثية والوجودية وأدب الجريمة، والبحث عن الهوية والمعاني الإنسانية، وقد ترجمت كتبه لأكثر من أربعين لغة.

وأبرز أعماله:

قصر القمر.

كتاب الأوهام.

ثلاثية نيويورك.

موسيقى الصدفة.

حماقات بروكلين.