الحب في قاموس العرب
الحب في قاموس العرب
الحب عند العرب نقيض الكره، ويذكر ابن القيم في كتابه “روضة المحبين ونزهة المشتاقين” أصل كلمة “حب” في العربية، أنها مأخوذة من الحب الذي يكون بمعنى الصفاء؛ فتقول العرب لصفاء بياض الأسنان حب الأسنان، والحباب هو ما يعلو الماء عند المطر الشديد؛ وهذا حال القلب عند احتياجه رؤية المحبوب، فالحب لباب كل شيء وأصله، ومع اختلاف وقْع الحب على قلوب المحبين، اختلفت مسميات الحب عند العرب، وساعد على ذلك القاموس العربي الغني بمفرداته، فيقدم القاموس مفردة “الهوى” لوصف أولى مراتب الحب، إلى وصف آخر درجاته “بالهيام”، مرورًا بالكلف، والعشق، والشغف، واللوعة، والجوى، والوجد، والخلابة، والبلابل، والكمد، والحزن، وكثرة أسماء الشيء الواحد عند العرب دلالة على عظمة هذا الشيء، ونيله لاهتمام شديد عندهم، فكثرت أسماء الحب لديهم إلى ما يقارب الستين اسمًا.
وللإنسان احتياجات عديدة؛ عضوية كحاجته إلى الأكل والشرب، ونفسية كحاجته إلى الحب والرعاية، ويجب إشباع كل هذه الاحتياجات لكي يُشعر المرء بالتوازن، لذا فحاجة الإنسان إلى الحب ليست ترفًا، فصحيح عدم إشباعه لهذه الحاجة لا يؤدي إلى موته، لكنها تترك أثرًا في شخصيته، وسلوكه مهما حاول إخفاءها، فمنذ البداية يعاني الطفل الاغتراب النفسي بسبب انفصاله عن جسد والدته، فتشبع الأم فطريًّا حاجة طفلها إلى الحب، ومع نموه يحتاج إلى صور أخرى من الحب؛ فيتقرب نحو أصدقائه عندما يكون مراهقًا، وقد يفقد شخصيته ليصبح عضوًا مقبولًا في جماعة، ويتقرَّب نحو الزواج عندما يكون يافعًا، بسبب حاجته إلى الاستقرار وتكوين أسرة، فلا يوجد أحد قد سلم من تجربة الحب، سواء وهو طفل أو مراهق أو راشد.
فمن المعروف أيضًا أن نقص الجفاف العاطفي سبب رئيس لمرض العصاب الحاد، والاضطراب العقلي في مرحلة المراهقة، وتكبر الحاجة إلى الحب مع تقدم السن، حيث يكون الدافع الرئيس لحياة معظم كبار السن حاجتهم إلى الحب والصحبة، فلا شيء يُشبع الكرامة ويؤنس شعور الاغتراب كالحب.
الفكرة من كتاب الحُب كيف نفهمه، وكيف نُمارسه؟
إن أعمق حاجات الإنسان حاجته إلى التغلب على شعوره بالعزلة والاغتراب، وليس هناك من وسيلة لتحقيق ذلك إلا بالحب، فهو الجسر الوحيد أمام الإنسان ليخرج من سجن الذات إلى اتساع الكون ورحابة الآخرين.
فتحاول الكاتبة هنا إزالة الالتباس بين الحب وضلالاته، والتفريق بين أنواع الحب المختلفة، وبين الحب والرغبة والحاجة، وتلقي الضوء على ضرورة التعلُّم عن الحب وعلاماته لكي يسهل التفريق بينه بين المؤامرات المُرتكَبة باسمه.
مؤلف كتاب الحُب كيف نفهمه، وكيف نُمارسه؟
صهباء أحمد محمد بندق: حاصلة على بكالوريوس العلوم وبكالوريوس الطب والجراحة جامعة القاهرة، وحاصلة على دبلوم الدراسات الإسلامية، وعضو هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة، وهي مستشارة صفحة “الاستشارات الصحية” بموقع إسلام أون لاين، ومن مؤلفاتها:
هشاشة العظام الخطر الصامت.
الدلائل الإرشادية الخاصة بتخزين الأدوية الأساسية وغيرها من المستلزمات الصحية.