الثورة المعلوماتية
الثورة المعلوماتية
تعد الثورة المعلوماتية محطة فارقة في تاريخ البشرية، الأمر الذي قسَّم بدوره التاريخ المعاصر إلى شقين، فعالم ما قبل الثورة التكنولوجية يختلف تمامًا عن العالم بعده، وأضحت الكثير من معالم العالم القديم أشبه بالفلكلور الشعبي ونوعًا من الآثار البالية، فكل عالم جديد يستلزم عقلًا جديدًا يستوعب تحدياته وآثاره ويعلن القطيعة الكاملة مع العالم القديم، لا سيما مع تقلص الفارق الزمني بين الأجيال التكنولوجية المتعاقبة، فمن سيجيد التعاطي مع تلك التكنولوجيا الفائقة سيكون قادرًا على قيادة المستقبل واغتنام الفرص.
فإذا كان العلم هو معيار تقدم الأمم والمجتمعات، لأصبحت بذلك مصائر المجتمعات رهنًا بنتائج عقولها، فامتلاك المعرفة اليوم هو بمثابة الصولجان السحري في ظل عالم هش تتناقص فيه عوامل الأمان يومًا بعد يوم، وعلى ذلك فردم الهوَّة السحيقة بين الدول المتقدمة والنامية لن يتأتَّى إلا بسد فجوة العقل التي نشأت بسبب ترهُّله ودورانه في فلك التقليد والتبعية، لذا لا بدَّ من إيجاد صيغة ما والخروج بمعادلة تحقِّق التوازن بين إرث الماضي ومطالب الحاضر وتحديات المستقبل، وإلا ستصير بذلك الدول الفقيرة لقمة سائغة على مائدة الدول الأخرى التي تمكَّنت من تغيير اتجاه الطوفان التكنولوجي لصالحها.
وإذا كانت أول خطوة لحل أي مشكلة هي تحليلها وتفكيكها قدر المستطاع للوقوف على أبعادها، يمكن القول إذن إن أولى خطوات معالجة ضعف المعرفة للعقل العربي تبدأ من إماطة اللثام عن الطريقة التي يعمل بها العقل على تكوين البنى المعرفية من الواقع الخارجي، فلا بدَّ من النفاذ إلى مستويات أعمق في فهم المخ البشري وفهم آلياته وتطوير أساليب منهجية للتعامل مع المعرفة وطرق اكتسابها، لنعبِّد بذلك الطريق بين العقل العربي ومتطلَّبات العصر الرقمي، وبخاصةٍ في ظل تلك الحرب الشرسة من قِبل الأنظمة الذكية على مناطق النفوذ البشري وفرض واقع جديد لا يأبه كثيرًا لعالم البشر.
الفكرة من كتاب الفجوة الرقمية.. رؤية عربية لمجتمع المعرفة
تعد الفجوة الرقمية البادية أمامنا اليوم مثالًا صارخًا على مدى حدة أزمة العقل العربي، في ظل عجزه عن مواجهة العديد من المشكلات في مختلف المجالات، نتيجة ترسيخ عقدة التخلف الحضاري بيننا وبين الغرب، ولكن يظل هناك بعض الأمل، فكل أزمة تنطوي على فرص لا تتيح فقط إمكانية الخروج منها، بل تدفع إلى الانطلاق واللحاق بمن سبقوا، من هنا تنبع أهمية هذا الكتاب حيث يستشرف المستقبل، ويوقفك على جذور المشكلة الرقمية التي يحياها العالم العربي، كما يحاول طرح الحلول الواقعية للخروج من تلك الأزمة والاستفادة منها.
مؤلف كتاب الفجوة الرقمية.. رؤية عربية لمجتمع المعرفة
الدكتور نبيل علي: دكتوراه في هندسة الطيران، رائد معالجة اللغة العربية حاسوبيًّا وتعريب نظم المعلومات على المستويين العربي والعالمي، وله أكثر من 15 دراسة في مجال التنمية المعلوماتية بالوطن العربي لمنظمات أليكسو، والإسكوا، واليونسكو، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما أن له عدة كتب في مجال المعلوماتية منها: “اللغة العربية والحاسوب”، و”العرب وعصر المعلومات”، و”تحديات عصر المعلومات”.
الدكتورة نادية حجازي: دكتوراه في هندسة الحاسبات، وتعمل أستاذة بمعهد بحوث الإلكترونيات، المركز القومي للبحوث، كما عملت مستشارة بوزارة الاتصالات والمعلومات ووزارة التعليم، وعضو اللجنة الاستشارية لتنمية أفريقيا في مجال الاتصالات والمعلومات، ولها العديد من البحوث والدراسات في مجالات اللغويات الحاسوبية وهندسة الاتصالات والترجمة الآلية ونظم استرجاع المعلومات والبرمجيات التعليمية.