الثورة العقلية

الثورة العقلية
تتقادم الأزمان وتختلف الظروف والبيئات وما إن يبزغ نجم عصر حضارة ما حتى يبدأ في الأفول، ذلك أن التاريخ البشري يحفل بالعديد من الصراعات في ميدان التأقلم وتأمين سبل العيش، من هنا كانت تلك الثورات العلمية أشبه بنقاط تاريخية فاصلة نقلت الحياة البشرية بطريقة دراماتيكية لمستويات أكثر رغدًا من العيش، ولكنْ ثمة خيط متصل بين كل تلك الثورات ألا وهو العقل البشري، فما كان للإنسان أن ينمو ويرتقي دون تلك الثورة العقلية التي شكَّلت الوقود لأي إنجاز بشري في معركته مع الطبيعة.

ويرى داروين -صاحب النظرية المشهورة في التطور- أن الإنسان ينحدر من بعض الأسماك البدائية مرورًا بالزواحف ووصولًا إلى القردة العليا عبر ظاهرة الانتخاب الطبيعي والتي استغرقت مئات الملايين من السنوات، ورغم أن الإنسان كغيره من الحيوانات خضع لظاهرة الانتخاب الطبيعي حتى يضمن بقاء نوعه من شبح الانقراض، وسواء اتفقنا أم اختلفنا مع أطروحة داروين، فإن الامتيازات الخاصة لعقل الإنسان وقدرته العالية على التفكير ساعدته بلا شك على بسط سيطرته وسلطانه وتبوئه عرش السيادة على غيره من الأنواع الأحيائية المختلفة.
وبالنظر إلى تطور الحياة البشرية على مر السنوات الماضية، يمكننا القول إن المستقبل يخبئ العديد من الإنجازات، وعلى وجه الخصوص تلك التي تتعلق باستكشاف العقل البشري، فعن طريق تلك القفزات النوعية في المستقبل سيتمكن البشر من إحراز قصب السبق في النظر إلى المستقبل والتعامل مع العديد من البدائل والاحتمالات، ومن هنا كان استكشاف العقل هو في ذاته استكشافًا للمستقبل، حيث إن تطور العمليات العقلية هو المحدد الأساسي لشكل الحياة البشرية مستقبلًا، فبفضل هذا التطوُّر استطاع البشر الوصول إلى القمر والنزول لأعماق المحيطات وتمكنوا أيضًا من الكشف عن الجينوم البشري، وابتكروا الإنسان الآلي والعقل الاصطناعي ومارسوا نفوذهم على الكوكب.
الفكرة من كتاب عقول المستقبل
يدرك الجميع أننا على مشارف تحوُّل ضخم يفوق في آثاره جميع مخرجات الثورة الصناعية السابقة، فمحاولات الوصاية على العقل البشري ومنعه حرية الانتقال نحو آفاق جديدة قد باءت جميعها بالفشل، من هنا كانت تلك القضية هي الشغل الشاغل للباحثين المعنيين بدراسة المستقبل واستشرافه، وتمثل تلك النقلة النوعية في التطوُّر التكنولوجي العديد من الآليات والأدوات والعلوم الجديدة المختلفة، وعلى ذلك فبدلًا من محاولة الارتكان إلى الماضي والتشبث به، علينا التسلح بخرائط عقلية جديدة لمواكبة المستقبل، ويعد هذا الكتاب باب الولوج لاستشراف المستقبل وشكل الحياة في الغد.
مؤلف كتاب عقول المستقبل
جون ج. تايلور: فيزيائي ومؤلف بريطاني، وُلد في الثامن عشر من أغسطس من عام 1931، حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة كامبردج البريطانية، كما عمل بالوسط الأكاديمي في علوم الفيزياء الرياضية والذكاء الاصطناعي، حيث كان أستاذًا فخريًّا ومديرًا لمركز الشبكات العصبية في كينجز كوليدج لندن، وعالمًا زائرًا لمركز الأبحاث في معهد الطب في يوليش بألمانيا، توفي في العاشر من مارس من العام 2012.
له عدة مؤلفات منها: “السباق من أجل الوعي”، و”العقل: دليل المستخدم”، و”الثقوب السوداء: نهاية الكون؟”.
معلومات عن المترجم
د. لطفي محمد فطيم: مترجم مصري، حصل على شهادة الدكتوراه في علم النفس من جامعة عين شمس، عمل أستاذًا أكاديميًّا بعدد من الجامعات المحلية، كما أنه عضو في عدد من جمعيات علم النفس الدولية، وله مؤلفات منها كتاب “الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي”، وله بعض الترجمات، أبرزها: “أزمة علم النفس المعاصر”، و”نظريات الشخصية”.