التصورات الوجودية عن الإنسان
التصورات الوجودية عن الإنسان
الفلسفة الوجودية تفسر الإنسان على أنه موجود وواجد في الوقت ذاته، أي أنه منفصلٌ بالكامل عن الإله والطبيعة وله القدرة على الإبداع في نفسه بإرادته وقوته، فهي تجعل الإنسان كائنًا فوقيًّا لا يرتبط بالله وتجعل للإنسان قيمًا أخلاقية وفضائلَ لكنها تنبع من فطرة الإنسان الذاتية والأصالة الإنسانية، واصطُلح على أصالة الإنسان في الوجودية بأنها “الأصالة الإلحادية”، وهذا التصوُّر يختلف بالكامل عن تصورات الأديان عن الوجود الإنساني، حيث إنه في الديانة الهندوسية الإنسان والإله والحب وحدة واحدة تقوم بخلق الوجود، وفي الإسلام العلاقة بين الله والإنسان علاقة عبودية كاملة وخضوع، كما أنها مسؤولية من الله له لخلافته في الأرض، ومن ثم هو الموجود الوحيد في الطبيعة الذي يجب أن يتصف بصفات الله وكذا المدارس الفكرية الأوروبية الحديثة سارت في الطريق ذاته وأخذت تفسر الوجود وماهيته، فالليبرالية الغربية عرَّفت الإنسان بأنه كائن له أخلاق وقيم واشتقت القيم من الديانات الشرقية والديانات السابقة ولكنها نحَّت الدين تمامًا من التفكير، وعندما نشأت الماركسية وظهرت كتابات كارل ماركس إلى العلن كان من ضمن الانتقادات للرأسمالية هو “الجانب الاجتماعي القيمي”، وأن الرأسمالية أوردت القيم الإنسانية والفضائل السامية إلى هوةٍ عميقة بسبب سيطرة الطبقة البرجوازية على مقاليد السلطة والصناعة وتحول العمال إلى مجرد حيوانات لها أدوار محددة بمرتبات محددة، وإذا رفض العامل ذلك سيُطرد ويؤتى بغيره، كما أن وسيلة كسب المال ليس لها معيار خُلقي أو إنساني، وإنما المادة هي الهدف، على الرغم من أن الماركسية أظهرت فشلًا عميقًا بعد ذلك، بل ووقعت في نفس المآخذ التي أخذتها على الرأسمالية فيما بعد، وخلاصة القول أن الإنسان موجود ذو أصالة ذاتية وله إرادة كجزء من إرادة أوسع وهي إرادة الله، له قوة في الطبيعة، له قيمٌ وفضائل ينتسب بها إلى الله ويتقرَّب إليه.
الفكرة من كتاب الإسلام ومدارس الغرب
“إن الإنسان ابتعد عن نفسه ونسيها بقدر ما اهتمَّ بالعالم خارجه وتقدم فيه”، بهذا الاقتباس افتتح الكاتب كلامه عن تجاهل الإنسان البحث في نفسه وروحه وتفسير أصالته في العصر الحديث، ولذلك ابتعدت السعادة عن حياته وصار يبحث عن تلك السعادة الغائبة في كل مكان إلا نفسه، وطالما لم يجد الطريق الحق لفهم نفسه فلن يصل إليها.
يتحدث الكاتب بدايةً عن المدارس الغربية الفلسفية التي تفسر وجود الإنسان وماهيته، ثم يوضح التصورات الوجودية المختلفة عن الإنسان، ويطيل الحديث عن الماركسية وأفكارها وفشلها، ويفسر لماذا يتجاهل الإنسان الغربي الطريق الديني ويتجه إلى الإلحاد؟ مُبينًا قيمة الإسلام ودور المثقفين المسلمين وموقعهم من العالم الآن.
مؤلف كتاب الإسلام ومدارس الغرب
علي شريعتي، مفكر إيراني مسلم شيعي ولد في خُراسان 1933 وتخرج في كلية الآداب وذهب في بعثة إلى فرنسا لدراسة علم الأديان وعلم الاجتماع ليحصل على شهادة الدكتوراه، تُعد كتبه وأفكاره من ضمن العوامل التي أسهمت في الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه، من أهم مؤلفاته: “مسؤولية المثقف”، و”العودة إلى الذات”، و”الإسلام والإنسان”، و”بناء الذات الثورية”.