التربية على الاستقلال داخل الأسرة
التربية على الاستقلال داخل الأسرة
شعور الطفل بالاستقلالية ينمو معه كنمو جسده، فتجد الطفل أحيانًا يقبل المساعدة وأحيانًا أخرى يرفضها، ولكنه على الأغلب يشعر بالراحة بمفرده، وعلى الأم أن توكل إليه المهام تدريجيًّا بما يتناسب مع مرحلته العمرية، ويجب على الوالدين أن يدعما رغبة أبنائهما في الاستقلال عن طريق استشارتهم طوال اليوم قدر الإمكان في خياراتهم الشخصية أو ما يخص المنزل مثلًا، لأن هذا السلوك سيدعم نموهم نحو الاستقلال.
وينصح الكاتب الأهل بعدم الاستعجال في الإجابة على أسئلة أطفالهم؛ لتجنُّب حرمانهم من التمارين الذهنية، ويجب على المربي أن يتحلَّى بالذكاء في طرح الأسئلة ويدرك وقعها على ابنه، وكذلك عليه أن يتجنَّب طرح كثير من الأسئلة، لأن هذا يدفع الأبناء إلى استخدام أساليب دفاعية مثل: “لا أعرف” أو “دعوني وشأني”، ورغم أن المهارات السابقة تبدو بديهية فإن تنفيذها يحتاج إلى التمرين والتصميم.
ونجاح الطفل خارج البيت يعتمد بنسبة كبيرة على الخبرات التي يتلقَّاها بداخله، فكلما تنوَّعت هذه الخبرات، سهل عليه الاندماج مع المحيط الخارجي، كما يجب تشجيع الأبناء على تلقِّي الخبرات من مراجع خارج المنزل، فباستطاعة بائع الأحذية أن يصقل معارف الطفل حول أثر الحذاء الرياضي الجيد على القدم، وعلى الرغم من أهمية التواصل الجيد داخل الأسرة؛ فلا غنى عن تفاعل الابن مع المجتمع الخارجي.
وعلى الأهل تجنب الحديث عن الطفل بغيابه لأن هذا يوحي للأطفال أنهم مجرد ممتلكات، كما يجب أن تترك لهم الفرصة أن يجيبوا بأنفسهم إذا ما سُئل الأبوان عنهم، وكذلك يجب على المربي أن يصادق ابنه ولا يكتفي بدور الأبوة أو الأمومة، لأن هذا يجعل العلاقة تقوم ليس فقط على الاحترام، ولكن عدم الرغبة في خذلان أحد الصديقين للآخر، وربما تشكل هذه العلاقة عقبة في التعامل المنضبط مع الأبناء.
الفكرة من كتاب أولادنا بين التبعية والاستقلال
يفتح هذا الكتاب أعين المربي على بعض الحقائق التي يجب أن يراعيها أثناء عملية التربية، فالتربية ليست علاقة من طرف واحد، وإنما هي عملية تبادلية يتأثر فيها كل طرف بالآخر، ويتعلم فيها الطفل من أبويه والعكس، وإننا نربي أبناءنا مقابل تربيتهم لنا، فالابن قادر على إتمام تربية والديه وإرشادهما بشكل غير مباشر، ولكن تظل العلاقة تحت قيادة المربي.
ويؤكد الكاتب أن الابن ليس خادمًا مجانيًّا، وإنما هبة من الله، وقدر معقول من السلطة الأبوية ضروري لبث شعور الأمن والطمأنينة في نفوس أطفالنا، وفي هذا الكتاب يستعرض الكاتب مقتضيات تربية طفل على الاستقلال وحيثياتها وآثارها الإيجابية في الطفل وفي أبويه، وفي المقابل يعرض الآثار الناتجة عن تربية طفل مطيع لا يناقش، فالآباء الذين يختارون التربية على الطاعة لا النقاش، إنما مالوا إلى هذا الاختيار لتنشئة أبناء قادرين على الاندماج في المجتمع بسهولة ودون معاناة تُذكر.
ويدور الكتاب حول سؤال مركزي؛ ألا وهو: هل نربي أطفالنا على الاستقلال ليناقشونا في كل أوامرنا، أم نربيهم على الطاعة المطلقة دون نقاش؟ ويرى الكتاب أننا يجب أن نقاوم فكرة خلق جيل مماثل لآبائه لا يملك القدرة على التعبير عن نفسه والتصريح بمشاعره وكينونته، وإنما يجب على الآباء والأمهات أن يستسلموا لحقيقة أن أطفالهم سيختارون طريقهم الخاص دون الحاجة إلى جهد خارق من الأبوين.
مؤلف كتاب أولادنا بين التبعية والاستقلال
عبدالعزيز الخضراء: كاتب وباحث في المجال التربوي ومستشار أسري، عمل مدرسًا لمادة الرياضيات ثم تخصَّص في أبحاث التربية والتعليم لإيمانه بقدسية مهنة التعليم، مهتم بالإدارة التربوية وترسيخ المفاهيم الأخلاقية والاجتماعية التي تستهدف إنشاء جيل مبدع صالح وسوي نفسيًّا.
نشر العديد من المقالات في عدة مجلات وصحف تربوية متخصصة، ويعد هذا الكتاب ضمن سلسلة أصدرها الكاتب تحت عنوان “نحن وأبناؤنا”، والتي تتناول عدة كتب أخرى؛ مثل: “الآباء والتربية المعاصرة”، و”التكامل التربوي بين البيت والمدرسة”، و”الأمومة مسؤولية فكيف تمارسينها”، وغيرها من المؤلفات.