
التحليلية
تعد التحليلية ممارسة بأدوات معينة، تهدف إلى فك المركب إلى عناصره الأساسية البسيطة في ضوء فرض معين، وقد مورس التحليل منذ القدم، فأرسطو وسقراط حللا المفاهيم والتصورات وجون لوك طبق أدواتها على المعرفة الإنسانية وصولًا إلى برتراند راسل ومور في اهتمامهما باللغة، فأصبحت أدوات التحليل منتشرة وفي مقدرة كل فيلسوف أن يستخدمها.

رأت التحليلية أن غاية الفلسفة هي نقد اللغة، فأبدت اهتمامًا شديدًا بفهم بناء اللغة لتوضيح إطار الأفكار والمشكلات الفلسفية التي تعبر عنها، وانقسمت إلى اتجاهين رئيسين، الأول حاول إنتاج أنساق لغوية صناعية جديدة واضحة لا تعاني قصورًا، وقد فشل، والثاني الاتجاه لنقد اللغة العادية المستخدمة بين الناس وهو ما تبناه الفيلسوف مور، فانتقد استعمال الفلسفة لألفاظ وتركيبات لغوية مختلفة عما جرى عرف الناس باستخدامه، وأن الفلاسفة لا يحددون المشكلة التي يبحثون عنها قبل بدء البحث.
وبهذا وصل إلى أن المشكلات الفلسفية هي نتاج عمل الفلاسفة، وتمسك بالمعنى المعروف والمألوف لألفاظ اللغة مع وجوب وضوح المشكلات التي يبحث عنها الفلاسفة، بينما خالفه راسل في ذلك المنهج، فقد قسم العلم إلى منهج ونتائج، ثم قسم المنهج إلى جانبين هما الفلسفي والرياضي، وأن عمل الفلسفة يتم بتحليل ونقد هذين الجانبين مستخدمة الرياضيات والمنطق.
وصل مور عبر منهجه إلى توضيح التصورات وإزالة الكثير من التناقضات في النظريات الفلسفية وإضافة جديد للمعرفة، وتوجه إلى ضرورة اختبار النظريات الفلسفية عبر ربطها بالأحداث الواقعية العينية ورؤية ما إذا كانت تتسق مع الحس العام المشترك للناس أم لا.
الفكرة من كتاب مقدمة في الفلسفة المعاصرة
لطالما تم اعتبار الفلسفة شيئًا معقدًا لا غاية له، وأن الفلاسفة أناس لا هموم لهم، ينعزلون عن حياة المجتمع في برج عاجي ليتفرغوا للتنظير والتفكير في قضايا لا يهتم بها أحد سواهم، ولكن كلا الفكرتين نتاج سوء فهم كبير لطبيعة الفلسفة، فهي كأي علم له مصطلحاته الخاصة ويجب بذل جهد لدراسة مسائله التي يعتني بها، والنظر القاصر للفلاسفة إنما هو بسبب عزلهم عن محيطهم الاجتماعي والتاريخي، فالفيلسوف الحقيقي يعبر عن المشكلات التي تتصدر في عصره.
ولأن الفلسفة ظهرت مع ظهور الإنسان، فمن الصعب الإحاطة بكل تاريخها ومدارسها، ولكن سنكتفي بأن نعرض المدارس المعاصرة في الفلسفة، التي لها التأثير الأكبر في واقعنا، وهي بالترتيب: البراجماتية ثم الوجودية ثم البنيوية ثم التحليلية.
مؤلف كتاب مقدمة في الفلسفة المعاصرة
محمد مهران رشوان: دكتور مصري الجنسية ولد في عام 1939م بمحافظة سوهاج، حصل على ليسانس الفلسفة من جامعة القاهرة وظهر نبوغه، ثم حصل على درجة الماجستير في الدراسات المنطقية تحت إشراف الدكتور زكي نجيب محمود، ثم حصل على الدكتوراه عام 1974 م.
تعددت رحلاته الدراسية بين باريس ولندن والقاهرة وحتى الإمارات، وتدرج في الوظائف الجامعية حتى رأس قسم الفلسفة بجامعة القاهرة، ثم شغل منصب عميد كلية آداب بني سويف حتى عام 2005م.
له العديد من الإسهامات الفلسفية المهمة، أشهرها “مدخل إلى المنطق الصوري” و”مبادئ التفكير المنطقي” و “فلسفة برتراند راسل”.
محمد مدين: دكتور في كلية الآداب جامعة القاهرة، له مؤلفات مهمة في الفلسفة مثل: “الفلسفة الأمريكية المعاصرة” و”فلسفة هيوم الأخلاقية”.