البورصة: وماذا بعد؟
البورصة: وماذا بعد؟
تواجه البورصة أزمة جوهرية تخلخل المردود الاقتصادي من وجودها، فغالب عملياتها لا ينتفع الاقتصاد الحقيقي منها شيئًا، لذلك صار البعض يتساءل عن جدوى وجودها ومن المتسبِّب في تلك الأزمة العميقة، لا سيما أن الحجم المالي للشركات المدرجة في البورصة لا يتناسب مع قيمتها الحقيقية ونتائج أعمالها في الأسواق، فارتفاع سعر سهم ما لا يعني بالضرورة تحسُّن المركز المالي لتلك الشركة والعكس صحيح، فحدث ثمة انفصال بين الأسهم من جهة وشركاتها من الجهة الأخرى.
وانعكس ذلك على الدراسات الأكاديمية، حيث أصبح اليوم عندنا نوعان من التحليل الاقتصادي لأداء الشركات: أحدهما التحليل الفني على المدى القصير ويتعلَّق بحركة السهم في البورصة، والآخر تحليل مالي ويتعلَّق بالمركز المالي الحقيقي للشركة ونتائج أعمالها على المدى الطويل، من هنا كانت البورصة مصنع الوهم النقدي، وأصبحت هناك حاجة ضرورية إلى البحث عن مصادر تمويل حقيقية لإنعاش الحياة الاقتصادية وربط الاقتصاد الحقيقي بنظيره النقدي ليكونا معًا وجهين مختلفين لقيمة اقتصادية واحدة.
وذلك للحفاظ على أسواق المال من الفقاعات المالية المختلفة، والتي تنتج بصفة أساسية عندما تنفك الرابطة بين المال والاقتصاد، ويغرِّد بذلك الاقتصاد النقدي بعيدًا عن نظيره الحقيقي، فيصير الأمر أشبه برهن شيء قيمته الحقيقية ألف جنيه مقابل مائة ألف جنيه! ومع ابتكار المشتقَّات المالية المختلفة بحثًا عن الربح، أضحت تلك الأدوات المالية تطلب لذاتها، فبدلًا من أن تكون وسيلة أصبحت غاية في حد ذاتها، فأضحى بذلك المال سلعة في حد ذاته يجري التعامل عليه بيعًا وشراءً، مما أفقده العديد من أسبابه الموضوعية وصفته المعيارية لقيم السلع والمنتجات الأخرى، فالأصل أن عملية القياس لشيء متغير إنما تكون عبر تقييمه بواسطة شيء ثابت، فإذا أضحى المال متغيرًا فكيف نقيس متغيرًا بمتغير آخر!
الفكرة من كتاب البورصة حقائق وأوهام
يتناول هذا الكتاب قلب الاقتصاد الحديث، ألا وهو أسواق المال التي تعدُّ شريان الاقتصاد وفي القلب منها البورصات، وبالأخص سوق الأسهم والسندات، والتي طالما كانت أحد أهم معاقل الأزمات المالية التي أصابت الاقتصاد العالمي بالشلل بداية من كارثة الكساد الكبير 1929، ومرورًا بأزمة النمور الآسيوية 1997، وانتهاءً بالأزمة المالية العالمية 2008، وقد نتجت كل تلك الأزمات وغيرها بسبب عدد من الممارسات الخاطئة وقواعد الحوكمة الضعيفة، التي أشار إليها الكاتب في ثنايا هذا الكتاب، بالإضافة إلى مناقشته تلك البروباجندا الزائفة حول مساهمة البورصة بوضعها الحالي في تمويل الاقتصاد، مما يمكن القول معه إن تلك المعلومات الواردة في هذا الكتاب نادرًا ما تجدها في كتاب آخر.
مؤلف كتاب البورصة حقائق وأوهام
رجب أبو دبوس: يعدُّ من أبرز وأشهر المفكرين والأكاديميين الليبيين، كما أنه أبرز فلاسفة النظرية الجماهيرية وسلطة الشعب، حصل على ليسانس الفلسفة من الجامعة الليبية بنغازي 1969، ودرجة الماجستير من فرنسا جامعة أيكسنبروفانس عن رسالة بعنوان “التخيل” 1973، ودرجة الدكتوراه من الجامعة نفسها عن رسالة بعنوان “الحرية” 1977، كما شغل منصب رئيس قسم الفلسفة جامعة قاريونس 1977.
لديه عشرات المؤلفات؛ من بينها : “نحو تفسير اجتماعي للتاريخ” 1982، و”محاضرات في الفلسفة المعاصرة” 1996، و”العولمة بين الأنصار والخصوم” 2001، و”ماضي المستقبل.. صراع الهوية الوطنية” 2001.