البدايات الأولى
البدايات الأولى
اهتز التوازن البيئي في أوراسيا بشدة في بدايات القرن الثالث عشر وبدايات القرن الرابع عشر، ونتيجة لذلك انطلق طاعون “يرسين” من موطنه الدائم في صحراء جوبي وامتدادها شرقًا إلى الصين وجنوبًا إلى الهند عبر آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط، محدِّدًا بذلك البشائر الأولى للموت الأسود والجائحة الطاعونية الثانية.
وهناك نظريات عديدة لتفسير تلك الظاهرة، عبَّر عن إحداها “وليام ماكنيل” موضِّحًا أن لحكام الإمبراطورية المغولية دورًا بارزًا فيها، وقد تأسست تلك الإمبراطورية في نهاية القرن الثاني عشر، وظلَّت محتفظة بقوَّتها خلال القرن الرابع عشر، فكونت حلقة اتصال بين المجتمعات الأوراسية الأقل حركية في الصين والهند والشرق الأوسط وبين أوروبا، ثم هيأوا شبكة من المواصلات العسكرية والحكومية، ووصلت تلك الإمبراطورية إلى إقليم يونان في جنوبي الصين، وكان يُعد هذا الإقليم بؤرة أصلية للطاعون، ويذهب بعض الباحثين إلى أن تلك الصحراء تعد من الأساس بؤرة لتوطُّن عُصَيَّة يرسين.
وفي النهاية كانت سيطرة المغول على أقطار أوراسيا عاملًا حاسمًا في انتشار الطاعون، وهناك تفسير آخر يعترف بدور المغول الفعلي في هذا الأمر، لكنه يذهب إلى كون العوامل البيئية كانت أهم في ظهور الطاعون وانتشاره من العوامل البشرية، ويظن علماء البيئة أن الجفاف المتواصل الذي بدأ في منتصف القرن الثالث عشر واستمر حتى أوائل القرن الرابع عشر كان له دور في زحف الرُحَّل من المغول والأتراك بقطعانهم إلى المراعي الخضراء، وأيضًا زحف قوارض آسيا البرية، كالمراميط وسناجب الأرض سعيًا وراء الطعام والماء، ونقلت العدوى بدورها إلى مجتمعات القوارض المحلية، وبهذا فقد توسَّعت الجائحة الطاعونية الثانية.
وتحدثت السجلات الصينية عن تفشي طاعون غير محدد الهوية في ولاية هوبي سنة 1331 ميلاديًّا، وكان قد فتك بتسعين في المائة من سكانها، فصار الموت الأسود متأصلًا في الصين في أواسط القرن الرابع عشر، وبعد سلسلة من الطواعين المتوالية انخفض تعداد السكان بطريقة ملحوظة جدًّا.
الفكرة من كتاب الموت الأسود
الموت الأسود أو الموت العظيم سلسلة من الطواعين الدُّملية والرئوية والتعفُّنية التي اجتاحت العالم الغربي، فقضت على ما يقرب من ربع سكانه إلى نصفهم، وكانت السبب في متغيِّرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وتملَّك الناس خوف وحيرة من وباء يصعب تفسيره، ولا يتوافر علاج ناجع له.. من مداخل متعدِّدة تاريخية واجتماعية وفلسفية وطبية، يتناول هذا الكتاب موضوع الموت الأسود.
مؤلف كتاب الموت الأسود
روبرت ستيفن جوتفريد Robert Steven Gottfried: كاتب، وكان منشئ منازل أمريكيًّا ومطورًا ورجل أعمال عقاريًّا.
له العديد من المؤلفات، ومنها:
– Doctors and Medicine in medieval England.
– Bury st. Edmunds and the urban crisis.