الاستمرارية
الاستمرارية
عندما يسقط الشغف ويزداد التقصير مع مواجهة التعثرات، يجب أن نتعامل مع هذا الموقف بتحدٍّ، ونستغله لتجديد الشغف، ونؤمن بأن الإبداع يخرج من رحم المعاناة، وأن الله لن يكلفنا بأمر يتجاوز قدراتنا، بل تظهر لنا تلك التعثرات كعلامات إرشادية، فالله يبعث إلينا رسائل يوميًّا يجب أن نستخلصها، لنتعلم من المؤثرات السلبية، ولتضيء المؤثرات الإيجابية الأمل في قلوبنا، لذا فمبدأ الاستمرارية لا يقوم على التواكل على الآخرين ولا على أنفسنا الهشة، بل بالتوكل على الله، ثم السعي وخوض العديد من التجارب والمحاولات وعدم الاكتفاء منها مهما بلغنا من خبرات.
فمهما بلغنا من معرفة فهناك أمور أخرى نجهلها، وعندما تنتهي مرحلة الاستكشاف، تظهر أمور أخرى نجهلها لتبدأ مرحلة جديدة من الاستكشاف حتى لا تتوقَّف رحلتنا في العطاء، ولأننا نسير ضمن خريطة علينا أن نصبر ونعلم أن الأمر يستغرق بعض الوقت فلا نسمح لمشاعر اليأس أن تتمكَّن منا، وأن نُدرك أن أهدافنا متشعِّبة، فمثلًا في المراحل التعليمية كان الهدف هو ارتداء قبَّعة التخرج، بعد ذلك أصبحنا نطوِّر من أنفسنا من أجل البحث عن عمل، لكن الأصح أن نستعد لمرحلة العمل من قبل التخرج عن طريق التدريب، واكتشاف مواطن الضعف وإصلاحها بدلًا من إنكارها أو تناسيها.
فنُخصِّص ساعة في الصباح يوميًّا لتعلم شيء جديد أو لإصلاح سلوك، ولن ننظر حصاد هذه الساعة إلا بعد سنة، ولن ننحرف لاستخدام وقت التطوير لجذب الانتباه بدلًا من المنفعة من أجل الانسياق في ضجيج العالم للبحث عن القبول، فالنجاح الظاهري ليس مُهمًّا، بل المهم النجاحات العميقة التي ندوِّنها بينا وبين أنفسنا كالنجاح في ترك سلوك سيئ، أو التغلب على التردد الذي يُميت الاستمرارية أو غيرها من خبايا النفس، والانسياق وراء الضجيج يُصيب أيضًا الإنسان بالكبر والغرور فتظهر الأنا المُتغطرسة وننسى فضل من تعاون بالإلهام وإكمال النواقص، وأن ما بُذِل من جهود حتى الوصول إلى الهدف بكل استقامة يعود أصله إلى فضل الله (عز وجل).
الفكرة من كتاب خريطة الإدراك: منهجية الحياة المهنية في قدراتك العملية
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾.
لقد كرَّم الله (عز وجل) الإنسان على سائر خلقه، ووهبه ميزة الوعي والإدراك وحُسن الاختيار، وجعله عنصرًا مهمًّا بإعمار الأرض، لذا وجب عدم تقديم أمر آخر على الأولوية البشرية، لأن تقديم الأمور الأخرى يؤدي إلى الإهمال والتقصير والوقوع في الأخطاء، وفي النهاية يقع الإنسان ذاته ضحية نتيجة هذا الإفراط، والمراد من ذلك هو إدراك مدى أهمية التمسك بالقيم والأخلاقيات، ولهذا السبب يُقدم لنا هذا الكتاب بعض المفاهيم للوقاية من التقصير والفساد، مع بعض الحلول لتعزيز القواعد الإيجابية وإحياء الضمير والمحافظة على القيم الأخلاقية.
مؤلف كتاب خريطة الإدراك: منهجية الحياة المهنية في قدراتك العملية
هاجر علي عقيلي: مُدرِّبة تطوير لديها خبرة في الكتابة الإبداعية وتوليد الأفكار بطريقة مُتجدِّدة ومُختلفة عن الأنماط الاعتيادية، حصلت على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة الملك عبدالعزيز عام ٢٠١٧، وصدر لها كتابان إلى جانب كتاب “خريطة الإدراك”، وهما:
شفرة الوعي: منهجية العيش في قدراتك الباهرة.
المرحلة المخملية.