الأمة في التاريخ
الأمة في التاريخ
كثيرة هي الدراسات التي تناولت مفهوم الأمة في التاريخ وبخاصة في القرنين السادس عشر والسابع عشر في إنجلترا، وفي القرن الثامن عشر في الولايات المتحدة وفرنسا، لذلك تعتبر الأمة حديثة نسبيًّا حيث شكَّلت المفاهيم السياسية والحراك الاجتماعي للرأسمالية الصناعية ومظاهر التقدم التقني في وسائل النقل والاتصال، وعززت الديمقراطية من الإيمان بفكرة المساواة بين أفراد الأمة؛ لذا فإنها أسهمت بقوة في إظهار الأمة ككيان مجتمعي، وأسهم المفهوم الديمقراطي للمواطنة والسوق والخدمات والتقدم في وسائل الاتصال في تشكيل الأماكن المختلفة فيما بينها سابقًا.
يترك الناس الريف من أجل البحث عن الوظائف والتعليم، ويجتمعون في المدن الكبيرة حيث الجامعات والمدارس المهنية للتدريب، وقد ساعد التطور في وسائل الاتصال على ترسيخ الثقافة، وساعدت اللغة الموحدة إقليميًّا على الانتماء إلى أمة ذات ثقافة موحَّدة، ويندرج ذلك ضمن الوعي الذاتي الجمعي للأمة.
ولقد أسهمت الأساطير في تشكيل الأمم قبل الحديثة، وذلك بصياغة رابط بين المجتمعات الواقعية تاريخيًّا وبين نظام الكون المتصور، ويلاحظ المرء في تكون الأمم عبر التاريخ ما وصفه المؤرخ دلمر براون بأنه جعل الأساطير أكثر تاريخية وجعل الأحداث الواقعية أكثر أسطورية، ويسهم كلٌّ من الدين والقانون واللغة في تشكيل المجتمعات القومية قبل الحديثة، ويوجد اعتراض أساسي على اعتبار الشعوب قبل الحديثة أممًا قومية؛ حيث لم يكن لديها ثقافة مشتركة، بالإضافة إلى وجود تمايز كبير بين المتعلمين والأميين، وهناك إصرار على أن المجتمع الإقليمي للأمة يجب أن يكون مبنيًّا على إنشاء عوامل موحدة ثقافيًّا مثل: وسائل الاتصال الحديثة والتعليم العام والقانون الموحَّد والمواطنة الديمقراطية.
وتُعدُّ المواطنة لدى البعض معيارًا لوجود مجتمع قومي، وإذا أصرَّ المرء على أن المواطنة تمتدُّ لتشمل الغالبية العظمى من السكان وأنها معيار حاسم لوجود أمة ما، فإن ذلك يؤدي إلى تعقيدات للمؤرخ لكي يفهم أوضاع أمم حديثة مثل إنجلترا وفرنسا في القرن التاسع عشر.
إن الأمة كعلاقة اجتماعية تكون دائمًا مزيجًا سلسًا من العلاقات المتعددة المتشابكة والمتطورة، وهذا هو الحال أيضًا بالنسبة إلى الدولة القومية الحديثة، حيث يكون مجرد تقرير الانتماء إلى الدولة عُرضةً لعملية مستمرة من إعادة التفسير.
الفكرة من كتاب القومية.. مقدمة قصيرة جدًّا
يعدُّ فهم فكرة القومية أمرًا محوريًّا من أجل فهم العديد من الصراعات الاجتماعية والنزاعات السياسية التي تسيطر على عالمنا اليوم.
يستعرض المؤلف عبر كتابه هذا مفهوم الأمة وعلاقتها بالدين والتاريخ، مناقشًا أسباب انقسام البشر أنفسهم إلى فئات من العلاقات المحدودة بدلًا من العلاقات العالمية، ولماذا تحظى فكرة الانتماء إلى أمة ما بأهمية كبيرة لدى الشعوب؟
مؤلف كتاب القومية.. مقدمة قصيرة جدًّا
ستيفن جروزبي (Steven Grosby): أستاذ الأديان في جامعة كليمسون بولاية كارولاينا الجنوبية، من أعماله: “أفكار إنجيلية عن القومية: من الماضي والحاضر”، كما شارك في تحرير كتاب “الجنسية والقومية”.