الألم هو الثابت الكوني العام
الألم هو الثابت الكوني العام
أجرى بعض العلماء تجربة على عدد من الأشخاص، إذ تم جعلهم يجلسون أمام شاشة كمبيوتر، واختيار ألوان النقاط التي تظهر أمامهم على الشاشة، إما ذات لون أزرق، أو ليست ذات لون أزرق، وكان الغرض من هذه التجربة دراسة تغيير المفاهيم الناتجة من كثرة التكرار، وسميت هذه التجربة أثر النقطة الزرقاء، فكانت نتائج التجربة غير متوقعة، فقد اكتشفوا كيف أن الإنسان يُقدم على تعديل مدركاته، بما يتلاءم مع توقعاته، فمثلًا لو كان الشخص يرى الشر في العالم، مع الوقت سيظن أن العالم به شر أكثر مما هو موجود بالفعل، ولن يرى أي خير بتاتًا.
وهذا ما يعرف بأثر النقطة الزرقاء، أي أننا سنرى مزيدًا من الأخطار كلما زاد بحثنا عنها وذلك بصرف النظر عما تتمتع به من راحة وأمان، وهذا يقودنا إلى التساؤل: ماذا لو اختفت الجريمة؟ ماذا لو أن الفساد غير موجود؟ هل سيؤدي ذلك إلى تحقيق السعادة؟ بالطبع لا، لأن حماية الناس من المشكلات والخصومات لا تجعلهم أكثر سعادة وأمان، بل تجعلهم يشعرون بقلة الأمان بشكل أسرع، والأمر يشبه تربيتك لطفلك على الاعتماد الدائم عليك، وعندما يكبر سيجد أن أصغر المساوئ في الحياة تشكل أكبر عائق له.
الألم هو الثابت العام الشامل في الحياة، ولذا فإن الألم دائمًا موجود، وما يتغير هو إدراكك لذلك الألم، ولا نستطيع التخلص من الألم، لأن محاولة الابتعاد عن الألم، وحماية نفسك ستقود إلى أثر عكسي، مما يزيد من حساسيتك للألم والمعاناة، بدلًا من تخليصك منهما، ويظل السؤال العالق بالذهن، هل ستتقبل ألمك؟ أم ستحاول أن تتفاداه؟ الألم هو تجربة الحياة نفسها، المشاعر والانفعالات الإيجابية هي الغياب المؤقت للألم، والمشاعر السلبية هي الازدياد المؤقت للألم، أما تخدير ألم المرء هو تخدير كامل للإحساس، أي إبعاد للفرد بهدوء عن الحياة، والجري خلف السعادة قيمة سامة ظلت تحدد ثقافتنا لفترة طويلة لأن العيش الجيد لا يعني تجنب المعاناة، بل أن نعاني لأسباب وجيهة، وإذا كنا مضطرين للمعاناة من خلال وجودنا، فحريٌّ بنا أن نجعل لمعاناتنا معنى. وتذكر أن الألم شيء لا مفر منه، لكن المعاناة اختيار على الدوام! وهناك فارق دائمًا بين ما نعيشه وكيفية تفسيرنا لما نعيشه.
الفكرة من كتاب خراب (كتاب عن الأمل)
هل تساءلت يومًا عن ما يجعل الناس يشعرون عن الدوام أنهم أكثر قلقًا وتعاسة، على الرغم من ازدياد حياتهم يسرًا؟ وهل فكرت يومًا أن ازدياد إمكانية تواصلنا مع الناس جعلنا أكثر تباغضًا؟ إننا نعيش زمنًا عجيبًا، فكل شيء صار في متناول اليد، ولكن لسببٍ ما كل شيء يبدو سيئًا لحد فظيع لا يمكن تداركه. في هذا الكتاب يُُحول مارك مانسون أنظارنا إلى العيوب التي لا مهرب منها داخل نفس كل إنسان منا، وكيف أن الإفراط في أشياء جيدة كالإنترنت، وعالم التسلية، وعلاقاتنا بالمال، يأكلنا أحياء من الناحية النفسية. وستجد عزيزي القارئ بداخل هذا الكتاب إجابات لجميع تساؤلاتك عن ما يجعل الحياة جديرة بأن تُعاش، ولماذا نجد أنفسنا تحت وطأة إحساس طاغٍ بانعدام الأمل.
مؤلف كتاب خراب (كتاب عن الأمل)
مارك مانسون: كاتب ومدّون أمريكي، وُلد في تكساس عام 1984، درس وتخرج في جامعة بوسطن، وأطلق أول مدونة له في عام 2009، وتجتذب مدونته على الإنترنت أكثر من مليوني قارئ شهريًّا، ويُعد كتابه فن اللا مبالاة – لعيش حياة تخالف المألوف، من أكثر الكتب مبيعًا على مستوى العالم.
معلومات عن المترجم:
الحارث النبهان: مترجم سوري مقيم في بلغاريا، حاز على إجازة جامعية في الهندسة الميكانيكية من جامعة دمشق، كانت بدايات عمله في الترجمة سنة 1991، وصدر له أكثر من ثلاثين عملًا مترجمًا، من أهمها: رواية 1984 لـ جورج أورويل، كتاب فن اللا مبالاة لـ مارك مانسون، رواية حب وقمامة لـ إيفان كليما.