استعداد
أما السير الفعليّ في طريق الدراسة فينقسم إلى ثلاث مراحل: مرحلة قبل الحصة أو الدرس أو المحاضرة، ومرحلة الحصة نفسها، ومرحلة بعدها.
والمرحلة الأولى هي مرحلة الإعداد لدروس الغد، ولعل البعض يرى ذلك ضربًا من الترف أو يتساءل: ما الذي يدفعني إلى إعداد درسٍ سيتكفل المعلم بشرحه! والواقع أنه كلما زادت معرفتك عن درسك المقبل، كانت استفادتك منه أكبر، وأن إعداد الدرس وسيلة إلى تعلم أفضل، فكيف تعد الدرس إذًا؟ ينبغي أن تقرأه قراءة متأنية، وتحدد ما فهمت منه وما لم تفهم وما أنت فيه محتار، ثم تُدون ملاحظاتك وأسئلتك في دفترٍ لتعينك في الغد على الفهم والاستيعاب؛ فتذهب إلى درسك مع أهدافٍ محددة تميز الأساسي من الثانوي، وتطرح أسئلة نافعة وتحقق أقصى استفادة من الدرس بينما يتعثر غيرك في الأساسيات والبدهيات، ويغدو الدرس أشبه بنزهةٍ ممتعة عندك بينما هو ثقيل طويل على غيرك.
ويحكي الكاتب عن زميلٍ له في كلية الآداب كان يُحسن إعداد دروسه، وكانت أسئلته وملاحظاته تحرك الشرح وتوجهه، فلا ينتفع بذلك وحده وإنما ينتفع به زملاؤه كذلك، حتى إنه لما تغيب مرةً سأله الأستاذ عن غيابه وأخبره أن غيابه يؤثر سلبًا في رفاقه.
الفكرة من كتاب فن الدراسة
يُقبل العام الدراسي بما يحمله من آمال ومشكلات، ونتذكر أن للدراسة هدفين أساسيين، هما اكتساب قدر من المعرفةِ وقدر من المهارة العملية في مجالٍ ما، وإن مضينا فيها على نهجٍ سليم حققنا الهدف بيُسرٍ واستمتعنا، وإن سلكنا فيها طرقًا وعرة ملتوية بذلنا جهدًا كبيرًا وجنينا من الثمار القليل. وهذا الكتاب إنما يهدف إلى بيان النهج السليم الذي ينبغي لنا السير به في دراستنا.
فإن كنت تشكو قلة التحصيل مع كثرة الجلوس بين الكتب، أو تشكو النسيان أو الكسل أو الملل حين يتعلق الأمر بالدراسة، فرافقِنا في رحلتنا مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب فن الدراسة
عبد الرحمن رأفت الباشا، كاتب وأديب سوري، ولد بإدلب عام 1920، ابتُعث إلى القاهرة وحصل على الشهادة العالية في كلية أصول الدّين في الأزهر عام 1945م، وشهادة اللّيسانس في الأدب العربي من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا)، ثم حصل على درجة الماجستير عام 1965م، ثم الدكتوراه في الجامعة نفسها عام 1967م. عمل في تدريس اللغة العربية في سوريا، وعُين كبيرًا لمفتشي اللغة العربية هناك ثم أستاذًا محاضرًا في كلية الآداب بجامعة دمشق، ثم درس في المعاهد العلمية السعودية، وفي كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكان رئيس قسم البلاغة والنّقد ومنهج الأدب الإسلامي فيها، ومسؤولًا عن لجنة البحث والنشر في الجامعة. وقد اشتهر بحبه للغة العربية، وكان أحد مؤسسي رابطة الأدب الإسلامي العالمية. وتوفي عام 1986 في إسطنبول.
من مؤلفاته: صور من حياة الصحابة، وصور من حياة التابعين، والعدوان على العربية عدوان على الإسلام، ونحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، وفن الامتحان بين الطالب والمعلم، ورواية أرض البطولات.