إعادة تصميم الدماغ

إعادة تصميم الدماغ
كان ميرزنيتش أبرز اختصاصيي اللدونة العصبية الذي أكد أن تمارين الدماغ مفيدة لكل الأعمار في تحسين وظائفنا المعرفية وأساليب التعلم والتفكير، ولا تقتصر على الفترة الحرجة في مرحلة الطفولة كما يظن أصحاب نظرية الدماغ غير المتغير، وكانت له براءات اختراع لتقنيات تعلُّم مهارات اللغة، ويرى أن تعلُّم مهارة جديدة يغيِّر ملايين من الاتصالات العصبية في الدماغ.

طوَّر ميرزنيتش برنامجًا عُرف باسم فاست فورورد (Fast ForWord) لمساعدة الطلاب العاجزين على تحسين معرفتهم وإدراكهم كما اُستفيد منه في علاج التوحد، يقول ميرزنيتش: “إن القشرة المخية تُحسن انتقائيًّا قدرات المعالجة الخاصة بها لتناسب كل مهمة تقوم بها”، بمعنى أن القشرة “تتعلم كيف تتعلم”. ويقدم فاست فورورد سبعة تمارين لتحسين قدرات الأطفال على تمييز الأصوات بسرعات متدرجة وذبذبات مختلفة ليتمكن الطفل من رسم خريطة جديدة لهذه الأصوات تعينه على التغلب على عجزه اللُغوي، بالإضافة إلى تمارين أخرى لتغطية عجز الكتابة، ويستمر التدريب لعدة أسابيع حسب شدة الحالة.
أظهر فاست فورورد نتائج سريعة ومرضية في تحويل الأطفال المتوحدين إلى أسوياء اجتماعيًّا وزيادة انتباههم واتصالهم بالناس، ولكبار السن أسس ميرزنيتش شركة posit science لكي تساعدهم على حفظ لدونة أدمغتهم، وأشار إلى أن إهمال التعليم المكثف في السن المتقدمة يحفز ضعف قدرات الدماغ وظهور أعراض الشيخوخة والانحدار العقلي.
ويشير الكاتب إلى أن الاتصال الجنسي طوال تاريخ البشرية لم يكن لمجرد التكاثر فقط، وقد أثبتت الأبحاث أن المناطق المسؤولة عن السلوك الغريزي وما يتعلق به كمنطقة تحت المهاد واللوزة (المسئولة عن العاطفة والقلق) والحصين (الذي يحول الذكريات من قصيرة المدى إلى طويلة المدى)، تتمتع باللدونة كشأن مناطق الحس والحركة والمعالجة المعرفية، وأن الحب المتبادل بين الجنسين أكبر عامل فيها وفي تحديد ميولنا الجنسية.
الفكرة من كتاب الدماغ وكيف يطوِّر بنيته وأداءه
لا تزال نظرية الدماغ غير المتغير مسيطرة على مجتمع علماء الأعصاب منذ عهد ديكارت، الذي تعامل مع الدماغ على أنه مستقبِل سلبي للمحيط الخارجي، ونتج عن ذلك النظر إلى الدماغ كآلة محكمة الدوائر؛ كل جزء فيها يؤدي وظيفة محددة لا ينفك عنها، والاعتقاد بأن حالات العجز الناشئة عن تلف دماغي لا يمكن شفاؤها.
لكن نورمان دويدج في هذا الكتاب يرصد قصصَ نجاحٍ واقعية باهرة لشفاء مثل تلك الحالات بتطبيقات اللدونة العصبية؛ وهي قابلية الدماغ للتغيير والتعديل عن طريق قيام خلايا سليمة بالوظائف التي كانت تؤديها الخلايا التالفة، وهو ما يعتبره المؤلف ثورة في مجال علم الأعصاب، ونترك للقارئ حرية التأييد أو الانضمام إلى صفوف المشككين في القدرات الخارقة للدونة العصبية.
مؤلف كتاب الدماغ وكيف يطوِّر بنيته وأداءه
نورمان دويدج Norman Doidge: محلل وطبيب نفساني كندي، درس الكلاسيكيات الأدبية والفلسفة، والطب في جامعة تورنتو، ثم انتقل إلى نيويورك وحصل على شهادة في التحليل النفسي من جامعة كولومبيا، ثم زمالة المعهد الوطني لبحوث الصحة العقلية لمدة عامين، للتدريب على تقنيات العلوم التجريبية. وبعد عودته إلى وطنه عمل رئيسًا لمركز العلاج النفسي وعيادة التقييم في معهد كلارك للطب النفسي. حصل دويدج على جائزة ماري سيغورني عن كتاباته العلمية حول اللدونة العصبية وأبحاثه في التحليل النفسي.
من أبرز مؤلفاته:
The Brain’s Way of Healing
The Brain that Changes Itself
Neustart im Kopf: Wie sich unser Gehirn selbst repariert
معلومات عن المترجمة
رفيف غدار: مترجمة، ترجمت كتبًا مهمة منها: “الإلمام بالحقيقة”، و”علم الفراسة”، و”فن الاسترخاء”.