إسلامية المعرفة.. ضرورة لا بدَّ منها
إسلامية المعرفة.. ضرورة لا بدَّ منها
إذا كانت إسلامية المعرفة، تعني ممارسة النشاط المعرفي كشفًا وتحليلًا وتركيبًا ونشرًا من زاوية التصوُّر الإسلامي للكون والحياة والإنسان، فإنها بذلك تمثِّل دعوة منطقية جدًّا وضرورية، فالأصل أن كل ما يصدر عن المسلم لا يخرج عن حدود هذا التصوُّر، كما أن المعرفة ما هي إلا علاقة بين الإنسان الباحث أو العارف والعالَم، وكلاهما من صنع الله (عز وجل)، الذي أودع فيهما سننه، وأجرى عليهما قوانين الكون الثابتة، والطبيعي إذن هو أن تُمارس العملية المعرفية في إطار الإيمان بالله (عز وجل)، وقدرته، وحاكميته في هذا الكون.
وعليه فإن دعوة إسلامية المعرفة تتلخَّص في جعل الحياة بكل أنشطتها إسلامية الوجهة والممارسة، أي نابعة من حقيقة العلاقة بين الله الخالق، والإنسان المخلوق، والأرض مناط تكليف الإنسان والمُسخَّرة من قِبَل الله تعالى لهذا الإنسان، ومن حقيقة أن الإنسان سيد في الكون لا عليه، وهذه الدعوة إذن حينما تبدأ من المعرفة والفكر إلى الواقع، فإنها تكون قد بدأت البداية الصحيحة التي تهدف إلى تحويل قبلة العلوم الاجتماعية والطبيعية والتقنية من المادية الوضعية التي فصلت بين مصدر العلم الأساسي الله (عز وجل)، وخلقه إلى ساحة الإيمان بالدين الإسلامي كمصدر للهداية، وكدافع للتفُكُّر والتعقُّل والعمل.
وهنا تظهر ضرورات إسلامية المعرفة على أكثر من مستوى؛ فهي ضرورة عقدية، لتحقيق معنى الإسلام الحق بإفراد الله (جل وعلا) بالعبادة، والإيمان بتدبيره وعلمه الذي وسع كل شيء، وهي ضرورة إنسانية تعين الإنسان على تحقيق سعادته باكتشاف واستخدام العلم النافع الذي يفيد في ازدهاره وتقدُّمه لا تدميره وتبديد قدراته، فيحقِّق له حاجاته الروحية وكذلك المادية، كما أنها إنسانية العطاء فلا تقصر نفعها على أمة أو جنس دون غيره، وهي ضرورة حضارية، تمنع ذوبان المسلم وقيمه في الغير، كما تمنع عزلته عن العالم أو الشرنقة حول ذاته، بل تدعوه إلى الاشتباك مع غيره لإثبات ذاته الحضارية، ونشر دينه لا بقوة السيف ولكن بقوة المعرفة.
الفكرة من كتاب مدخل إلى إسلامية المعرفة
يناقش هذا الكتاب- صغير الحجم كبير الفائدة- مفهوم ومشروع إسلامية المعرفة لا من جانب خطواته وإجراءاته وتعريفاته، ولكن من جانب ضروراته وإمكاناته، فهو بمثابة صرخة للمثقفين والطلاب المسلمين من قراء العربية نحو التعرُّف على هذا المشروع لا بوصفه مجرد تيار علمي عليهم متابعة إنجازه، ولكن على أنه ضرورة حضارية وعلمية وثقافية وشرعية يفرضها الواقع والدين لانتشال المسلمين من وطأة واقعهم المتأخر فكريًّا وحضاريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا ومعرفيًّا إلى رحابة وفاعلية الإيمان في تغيير الفكر والواقع.
مؤلف كتاب مدخل إلى إسلامية المعرفة
عماد الدين خليل، مؤرِّخ إسلامي واسع الاهتمامات، وُلِدَ في العراق عام 1941، واشتغل في المجال الأكاديمي والعلمي بقدر ما انهمك في التأليف والبحث العلمي، فهو يُدرِّس منذ لحظة تعيينه مُعيدًا في كلية الآداب جامعة الموصل عام 1966 إلى وقتنا الراهن؛ حيث قام بالتدريس في العديد من جامعات العالم الإسلامي منها: كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة اليرموك بالأردن، وكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي.
له العديد من المؤلفات في التاريخ ومناهجه، والأدب والمسرح والشعر والرواية، ومنها على سبيل المثال: “دراسة في السيرة”، و”التفسير الإسلامي للتاريخ”، و”نور الدين محمود: الرجل والتجربة”، و”في التاريخ الإسلامي: فصول في المنهج والتحليل المكتب الإسلامي”، و”ابن خلدون إسلاميًّا”، و”القرآن الكريم من منظور غربي”، و”المرأة والأسرة المسلمة من منظور غربي”، و”مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي”.