أقِم رُكنيك

أقِم رُكنيك
يُقبل علينا مرة في العام ضيف عزيز شريف كريم يحمل العطايا والمنح ولا يضاهيه في أجره عمل، شهر الصبر والتصبُّر والتزوُّد من الأجور والحسنات، نتجهَّز له بتهيئة نفوسنا وقلوبنا لتكون محِلًّا مناسبًا يليق بتنزُّل الهبات عليها، ثلاثون يومًا من شهر رمضان المبارك تشاركك فيه الأمَّة كلها، فلا عذر لمن يشعر بالغربة ولمن يبحث عن الصحبة، ثلاثون يومًا من الروتين التعبُّدي بدايةً من الصيام والإمساك عن لغو الحديث ومحاولة ضبط النفس والتخلِّي عن الشهوات والاصطفاف مع الجماعات والمعايشة للآيات.

وهل يصح صوم دون صلاة! وكيف ذلك والصلاة عمود الدين وقوامه، وبصلاحها يُنظر إلى باقي أعمال العبد، وهي محل عمل الشيطان ومؤجِّج نار غيظه، فهو الذي رفض السجود والعبودية وقبلها ابن آدم، فإذا قام العبد إلى صلاته غار الشيطان واغتاظ منه وسعى لإفسادها مشوشًا عليه صفاء ذهنه، مذكرًا إياه بما نسيه قبل القيام إلى صلاته، فينشغل بالتفكر في أحداث يومه مخططًا لأعمال يقوم بها بعد الصلاة، ثم نبحث عن الخشوع بعد ذلك كله ونتعجب لمَ لانخشع في صلاتنا! لا خشوع في الصلاة بلا طمأنينة وتلحُّ الصوارف والخواطر أبعد ما تكون عن الطمأنينة والسكينة، وإن لم تكن الصلاة هي موطن اطمئنان العبد ومحل اجتهادها في بلوغها فبمَ يكون اطمئنانه إذًا!
وبخلاف طبيعة عبادة الصلاة، فإن عبادة الصيام إنما تكون بالترك للشهوات والملذات حفظًا للجوارح والأنفس، وتأديبًا وتزكية وتطهيًرا لها، وهي عبادة خفيَّة بين العبد وربه بنسبة كبيرة، ولذا ترتَّب عليها أجر عظيم، فالله سبحانه اختصَّ به نفسه فلم يُطلع عليه أحدًا، قال سبحانه في حديث قدسي يرويه رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، قال (الله عز وجل): إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به”.
الفكرة من كتاب تراتيل رمضانية
“الصيام مَدرجةٌ إلى التقوى، فإذا انتظم الصائم في سِلكها، وترقَّى في معارج المتقين أورثه الله بحبوحة الجنة”.
يوصينا الكاتب هنا بوصايا ربانية نبوية تتعلق بالصيام وفضله وشرف زمانه، وبما يُتعبَّد لله به في شهره المبارك من شتى صنوف العبادات والقربات، ويتطرق إلى معانٍ رفيعة عظيمة تصطحبها معك خلال رحلة الثلاثين يومًا!
مؤلف كتاب تراتيل رمضانية
محمد بن يوسف الجوراني: كاتب ومحقِّق مخطوطات، ورئيس مركز الذخائر في المملكة الأردنية، نال درجة الماجستير في التفسير وعلوم القرآن، وفي عام 2012 حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة الإسلامية العالمية في الأردن.
من مؤلفاته: “الرقية الشرعية من الكتاب والسنة النبوية” و”العلاج بالقرآن”، و”وسائل الإعلام ونشر الدجل والشعوذة وكيفية علاج الظاهرة”. ومما حقق من المخطوطات والكتب كتاب “خلاصة الكلام على عمدة الأحكام لفيصل آل مبارك”.