أستراليا
تتكون أكثر قارات العالم انعزالًا من دولة واحدة قامت على جزيرة هائلة الحجم في المحيط الهادي، يفصلها نحو 2,000 كيلومتر عن أقرب الدول لها وهي نيوزيلندا، بدأت أستراليا مُستعمَرةً بريطانيةً ووجهةً لترحيل السجناء الذين لا ترجى عودتهم مرة أخرى إلى المملكة المتحدة، ونتيجة لذلك شهدت كثيرًا من الحروب الداخلية وحملات الإبادة التي أودت بحياة أعداد لا تحصى من السكان الأصليين، بينما يتركز أغلب السكان في القارة على المدن المطلة على المحيط، ويرجع ذلك إلى أن أستراليا تعاني ندرة المياه والطاقة بسبب طبيعة أرضها المسطحة، وعدم انتظام جريان الأنهار، في ما عدا مدينة “تاسمانيا” التي سمحت لها التضاريس الأرضية بالاستثمار في مجال الطاقة الكهرومائية، وفي المقابل تظل نحو 70% من مساحة القارة أرضًا غير قابلة للاستغلال.
ومن الناحية الخارجية، تشكل الجغرافيا المتمثلة في موقع أستراليا النائي ومساحتها الشاسعة سلاحًا ذا حدين، فهي تصعّب خيار الهجمات العسكرية، ولكن من الناحية الأخرى تعطل النمو السياسي وتؤثر في العلاقات التجارية بين أستراليا وحلفائها، ولكي تحصل أستراليا على الاستقرار، تحتاج إلى حليف قوي وخطة بيئية قابلة للاستدامة، إلى جانب ذلك تظل علاقتها بالصين قضية دبلوماسية حساسة بسبب ادعاء الصين سيادتها الجغرافية على مساحة تقارب 80% من بحر الصين الجنوبي، مما يهدد الأمن القومي للدول المجاورة ومنها أستراليا التي تعد الصين أكبر شريك تجاري لها.
الفكرة من كتاب قوة الجغرافيا: عشر خرائط تكشف مستقبل عالمنا
في أعقاب الحرب العالمية الثانية بدا أن موازين القوى في العالم تميل إلى صالح الولايات المتحدة الأمريكية لتصبح القوة العظمى الوحيدة في العالم، لتبدأ بعدها في ممارسة الدور البوليسي المعْنِي بحفظ السلام والاستقرار كما تزعم، ومن حينها شهد العالم استقرارًا في بعض المناطق التي شغلتها الصراعات سابقًا، وعلى النقيض تمامًا تحولت بعض الدول إلى ساحات حروب حول أجندات ومكتسبات سياسية وتاريخية، إلى جانب ذلك تدخلت عوامل عدة، منها التغير المناخي والقفزات التكنولوجية مؤخرًا في تهيئة الظروف لنهاية الهيمنة الأمريكية وظهور قوًى إقليمية بديلة، خصوصًا مع تأثير الانسحاب البطيء للولايات المتحدة من المشهد العالمي خلال فترة حكم الرئيس “باراك أوباما”.
ونتيجة لذلك وجه الكاتب نظرته إلى دراسة الطبيعة الجغرافية الخارجية والمحلية لعدد من الدول التي يتوقع أن تمر بتغييرات جذرية في المستقبل؛ نتيجة للعلاقات المتبادلة بينها وبين جيرانها من الدول، وكذلك الحدود الطبيعية والقرارات الاقتصادية التي تفرضها عليها الجغرافيا.
مؤلف كتاب قوة الجغرافيا: عشر خرائط تكشف مستقبل عالمنا
تيم مارشال : هو صحفي بريطاني متخصص في الشؤون الخارجية والدبلوماسية، خلال مسيرته المهنية عمل “مارشال” مراسلًا لقناة LBC وBBC وعدد من الجرائد المحلية، كما شغل منصب محرر الشؤون الخارجية لقناة Sky news لمدة تتجاوز 24 عامًا، غطّى فيها إعلاميًّا أحداث الحروب والصراعات الداخلية في عدة قارات، له بعض المؤلفات في مجال السياسة، منها:
Prisoners of Geography(2015).
Divided – Why We’re living in an Age of Walls(2018).
ملحوظة: الكتاب غير مترجم للغة العربية.