أبعاد هذه النقلات ومنجزاتها
أبعاد هذه النقلات ومنجزاتها
العقل هو مفتاح الحركة وصاحب الكلمة الماضية في صناعة الحضارة وإعادة تحديد المصير، ولم تكن هذه النقلة التاريخية التي حققها المسلمون إلا ثمرة من ثمار هذه العقلية المتشكِّلة حديثًا، أعاد بها الإسلام المسلم إلى المقدمة وغيَّر به وجه التاريخ.
فكان من نتائج هذه النقلات أن أصبح المسلم حرًّا منفتحًا على الآخر انتقائيًّا مستقلًّا في الآن ذاته عاشت في كنف حكمه الكثير من الحضارات والثقافات يتعاطى المسلم معها تعاطي الفطن المستفيد يمحِّص ويختبر ويرفض ويدني ويبعد ذهابًا وإيابًا في عملية تفاعلية انتقائية متوازنة بامتياز تحقِّق له أعلى درجات الاستفادة والتغير المحسوب.
ولم يكتفِ العقل المسلم بالوقوف عند الأبواب فقط، بل مارس وظيفة أكثر إبداعًا من الإضافة والإغناء وإعادة الصياغة والتوجيه، فأعاد بدوره تصدير هذه المعارف والعلوم للعالم من جديد وفق أسسه الخاصة التي تتناسب مع متطلَّبات الإيمان ومعاييره، وانتقل بها من حقل التنظير إلى حقول العمل الدؤوب والمنجزات الصرفة فأسهم في إغناء الرياضيات بالخوارزمي والفيزياء بابن الهيثم والفلك بالفرازي والتباني والكمياء بجابر بن حيان وغيرهم الكثير، ولم تكن منجزات المسلمين العلمية تقف عند هذا الحد فقط، فحقول السياسة والآداب والفلسفة والعلوم الإنسانية والفنون تقف شاهدة حتى اليوم على نتائج هذا التأثير وحصاد هذه القفزات الكبيرة.
الفكرة من كتاب أصول تشكيل العقل المسلم
جاء هذا الدين الجديد حاملًا معه لواء التغيير للتصوُّرات والمعتقدات والمنهجيات وآليات العمل، يتقابل فيها علم الله اللامحدود مع العقل البشري وإمكاناته المحدودة، موضحًا كيف يمكن للعقل الإنساني هضم هذه التصوُّرات وتشرُّبها لتتفتَّح أمامه فيما بعد مساحات من الآفاق الواسعة التي تدفعه بدورها إلى مقدمة التاريخ مشاركًا وفعالًا يقفز عبر الزمان والمكان متجاوزًا حدود المنطق في توافق وانسياب مع سنن الكون ونواميسه ضمن عملية تبادلية فائقة التناظر من الأخذ والعطاء تسير في مساقات واحدة وتصبو نحو تحقيق هدف واحد.
مؤلف كتاب أصول تشكيل العقل المسلم
الدكتور عماد الدين خليل الطائي، ولد في الموصل عام 1941م، وهو أديب ومؤرخ عراقي الأصل وحاصل على إجازة في الآداب من جامعة بغداد عام 1962م، وماجستير في التاريخ الإسلامي عام 1968م ودكتوراه في التاريخ الإسلامي، وله مؤلفات كثيرة في التاريخ والأدب والمسرح والشعر والفنون والدراسات النقدية.
وله نشاطات علمية عديدة، إذ عمل مشرفًا على المكتبة المركزية في جامعة الموصل عام 1986م، وشغل منصب العميد في الجامعة لأعوام، واشتغل مديرًا لقسم التراث ومكتبة المتحف الحضاري في المؤسسة العامة للآثار والتراث في الموصل (1977/ 1978)م، وعمل أستاذًا للتاريخ الإسلامي ومناهج البحث وفلسفة التاريخ في كلية آداب جامعة صلاح الدين في أربيل (1987/ 1992)م، ثم في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي (2000/ 2002)م.
من مؤلفاته: “مدخل إلى الحضارة الإسلامية”، و”مدخل إلى التاريخ الإسلامي”، و”أشهد أن لا إله إلا الله (سيرة ذاتية)”، و”الغايات المستهدفة للأدب الإسلامي: محاولات في التنظير والدراسة الأدبية”.