آلام الجسد بين العضوية والنفسية
آلام الجسد بين العضوية والنفسية
هناك عدة أعراض جسدية يكون مصدرها الحالة النفسية المضطربة، ومنها آلام الرأس وتكون متنوِّعة في الشكل والمدة والأسباب، قد تشمل كل الرأس أو جزءًا منها، وأهم هذه الأسباب هي الحالة النفسية التي تصيب الإنسان بالقلق والصداع، وهذا الصداع الناتج عن القلق هو أكثر أنواع الصداع شيوعًا، حيث يُحدِث القلق توترًا في عضلات الرقبة والرأس بدرجات مختلفة على حسب حجم القلق، ويزداد مع مضي ساعات النهار والإجهاد وتراكم المشكلات، وصداع القلق يذهب ويعود والمسكنات وأدوية الصداع لا تجدي نفعًا معه، إذ إنه يتحسَّن بالمهدئات حيث تسبِّب ارتخاءً في العضلات لأن صداع القلق هو في الأصل تقلُّص العضلات.
والنوع الثاني من أنواع الصداع هو النصفي ورغم أن اسمه نصفي فقد يمتد ليشمل الرأس وينتقل من مكان إلى آخر وصعوبته تكمن في أعراض ما قبل الصداع، فالمريض قد يعاني أعراضًا شتى كالغثيان والقيء وتنميل الأطراف أو هلاوس بصرية في شكل خطوط تتحرَّك بسرعة أمام العين، وهذا النوع من الصداع أكثر انتشارًا بين المثقفين والأذكياء الطموحين الذين يعانون القلق المستمر، ويظهر بعد الإرهاق النفسي ومع الإرهاق الجسدي وقلة النوم والجوع.
أما الألم النفسي الذي يؤثر في البطن فيحتل المرتبة الثانية بعد الرأس كمصدر للألم بسبب الحالة النفسية المضطربة، فأحيانًا يشعر الإنسان بوجع في البطن وأماكن مختلفة منه وربما تصاحبه أعراض مثل القيء والغثيان، وهذه الأعراض لا تصيبه إلا بعد الانفعال أو عندما تواجهه مشكلة، والأمراض العضوية التي تصيب الجهاز الهضمي تدخل معظمها في دائرة الأمراض النفسجسمية، أي أمراض عضوية تسبَّبت الحالة النفسية المضطربة في ظهورها، والقلق من هذه الأمراض التي يظهر بسرعة تأثيره في الجهاز الهضمي.
وقد تتشابه الآم البطن التي تحدث لأسباب نفسية مع التي تحدث لأسباب عضوية مثل قرحة المعدة والزائدة الدودية والمرارة والرحم، فقد يستأصل أحدها في كثير من الحالات نتيجة الالتهابات به، كما أن الحالة الوجدانية تؤثر في حركة الأمعاء أيضًا.
الفكرة من كتاب الألم النفسي والعضوي
كثيرًا ما تعترينا الآلام وتغزو أجسادنا بين الحين والآخر، وأحيانًا يكون الألم عضويًّا وأحيانًا أخرى يكون نفسيًّا، وتارةً يصيب الجسد وتارةً يصيب النفس أو يصيبهما معًا، وقد يجلب الألم العضوي للمريض نظيره النفسي، وقد يصحب الألم النفسي بعض الأمراض العضوية، فالعلاقة بين الألم النفسي والألم العضوي علاقة وطيدة متبادلة التأثير والتأثر.
يأخذنا المؤلف في هذا الكتاب في جولة شائقة للتعرُّف على مجاهل النفس البشرية المرتبطة بسيكولوجية الألم وتجربته، فيحلِّل مكوناته وأبعاد ما نشعر به من الآلام، متتبعًا خريطة الألم ومساره منذ البداية حتى العلاج، ويعرفنا على سبل تفاديه وتحويله إلى طاقة إيجابية، وغير ذلك من أسئلة تدور عن الألم العضوي والنفسي يجيب عنها في أسلوبه المميز الذي كتبه بعقل الطبيب وقلب الأديب راعَى فيه السلاسة والوضوح بعيدًا عن مصطلحات علم النفس والطب النفسي المعقَّدة وغير المألوفة لعموم القراء.
مؤلف كتاب الألم النفسي والعضوي
عادل صادق: طبيب مصري من مواليد ١٩٤٣م، تخرج في كلية الطب، وحصل على جائزة الدولة في تبسيط العلوم، رأس تحرير مجلة “الجديد في الطب النفسي”، وله العديد من المؤلفات في تبسيط علم النفس والطب النفسي.
ومن مؤلفاته: “مباريات سيكولوجية”، و”متاعب الزواج”، و”حكايات نفسية”، وتوفي عام ٢٠٠٤م تاركًا أكثر من ٣٠ كتابًا منها أربعة باللغة الإنجليزية.