PNAC والحرب على العراق
PNAC والحرب على العراق
قد يقفز إلى الأذهان تساؤل طبيعي: هل يمكن لمراكز الأفكار أن تقود حربًا أو تتسبَّب فيها حقًّا؟؟ هل يمكنها فعلًا تغيير مجرى التاريخ؟!
نعم… ذلك ممكن، فقد حدثت حروب كثيرة في تاريخ الإنسان دامت لسنوات كانت بدايتها مجرد أفكار ودعوات في زوايا أروقة الجلسات الثقافية.
فهذه يمكنها فعلًا التحريض على الحرب وتبريرها، وهنا تكمن خطورتها الفعلية، فقد كان الصحفي المعروف في جريدة الغارديان “ستيف وترز” يطلق عليها اسم “الأرواح الخطرة”، وكان يرى أن خطورتها لا تقل شأنًا عن خطورة الإرهاب.
وإجابةً على السؤال فقد استطاعت مجموعة من المثقفين مدفوعةً من بعض النخب السياسية في أمريكا عام 1990 ميلاديًّا أن تجعل فكرة التدخُّل في العراق أمرًا ضروريًّا ملحًّا لا مهرب للولايات المتحدة والعالم منه بعد أن قدَّمت معنًى جديدًا لأسلحة الدمار الشامل.
وبعد أن أسفرت هذه المحاولات المدفوعة من بعض الأطراف السياسية المدعومة من صناع السلاح في ظهور ما يعرف بـمشروع القرن الأمريكي الجديد “pnac”، وقد أسهم هذا المشروع في تجريم نظام صدام حسين وتحريض المجتمع الدولي ضده وتبرير التدخل العسكري ضده بحجة “الحرب الوقائية” لحماية المصالح الدولية والإنسانية المشتركة!
حتى أن مسألة التبرير لغزو العراق حينها لم تكن موضوعية أكثر من كونها نتاجًا للمخاض الفكري الطويل الذي كان محتدمًا بين تحالفات القيادات السياسية الأمريكية، فكانت إفرازًا لتوجُّهات ومطامع رؤوس هذه المراكز التي تملك علاقات متجذِّرة ومتينة مع الساسة من جهة ومع صناع السلاح والمؤثرين داخل المجتمع من جهة أخرى، ولا يزال مشروع pnac يتبنَّى الأفكار والتوجهات ذاتها التي لا تخرج عن مبدأين اثنين: أولهما العمل بكل قوة من أجل تحقيق الزعامة الأمريكية العالمية، وامتلاك أمريكا القوة العسكرية الدبلوماسية التي تدعم هذه الزعامة وتفرضها.
الفكرة من كتاب مراكز الفكر – أدمغة حرب الأفكار
كانت الأفكار ولا تزال محرك التاريخ الإنساني في مختلف مجالاته وفنونه، ومؤثرًا محوريًّا في شتى ظواهره وشؤونه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية والثقافية والدينية، حتى بلغ تأثيرها أبواب المختبرات والمجامع العلمية، عدا أنها كانت محركًا لحروب عدة ونزاعات دامية دامت سنواتٍ وعقودًا، فحكمت بطي صفحات من التاريخ وابتداء أخرى.
وسنجد في هذا الكتاب حديثًا مشابهًا عن أهمية الفكرة في إدارة الصراع؛ وكيف استفادت كثير من الدول الأوروبية من الأفكار؟ وكيف استطاعت من خلالها تغيير مسارات التاريخ مرات عديدة؟ وكيف تحوَّلت إلى مراكز ومؤسسات قائمة بذاتها تستقطب أطراف الصراع والتمويل، وتسوس القرار وتوجه مؤسسات المجتمع.
مؤلف كتاب مراكز الفكر – أدمغة حرب الأفكار
ستيفن بوشيه: مدير مساعد “Notre Europe”، وهو مركز فكر متخصِّص بالمسائل الأوروبية، وقد عمل مستشارًا لدى وزيرة النقل البلجيكية، ومستشارًا لأروقة الضغط في بروكسل ولندن، وأستاذًا محاضرًا في معهد العلوم السياسية في باريس.
مارتين رويو: صحفية اقتصادية، تعاونت مع وكالة الصحافة الفرنسية ومع “Nouvel Economiste” كرئيسة للقسم الخارجي ومراسلة، إضافة إلى عملها منسقة أعمال القطاع الفرنسي في منظمة العفو الدولية في البلقان.
معلومات عن المترجم:
ماجد كنج: مترجم، وله عدد من الكتب المترجمة الأخرى، ومنها: “مصادر الطاقة المستقبلية.. الهيدروجين وخلايا الوقود والتوقعات لكوكب أنظف” من تأليف: بيتر هوفمن.