حضور في كل مكان
حضور في كل مكان
كان التلفاز في ستينيات القرن المنصرم ميدانًا للتنافس بين عمالقة الصناعة، فلقد كان العالم يتسابق لامتلاك ذلك الصندوق العجيب الذي يصدر أصواتًا وصورًا، وبخاصةٍ بعد ظهور النسخة الأحدث من أجهزة التلفاز الملونة في السبعينيات، إلى أن جاءت أجهزة تسجيل الفيديو في ثمانينيات القرن العشرين فتسابق الجميع إليها، حيث أتاحت اقتطاع مناسبة ما من الزمن كأعياد الميلاد وحفلات الزواج، وتسجيلها بالصوت والصورة والاحتفاظ بها ضمن الذكريات والرجوع إليها في أي وقت، كانت كل تلك الأحداث بمثابة تطورات ثورية بمعايير ذاك العصر.
ولكن مع دخول العالم في خضم الزخم الذي أحدثته تكنولوجيا المعلومات، صار التنافس محمومًا بين عمالقة الصناعة لإنتاج الجيل الذكي من أجهزة التلفاز وهي الأجهزة التفاعلية عبر دمجها بتقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، والتي ستتحوَّل بفعل تسخير تلك القوى إلى أجهزة فائقة القدرات ومتعددة الاستخدامات، ورغم أنها قد تبدو للوهلة الأولى أنها متماثلة فإن كلًّا منها سيتمتَّع بشخصية مستقلة تتناسب مع احتياجات كل مستخدم على حدة، ففي غرفة الأطفال سيتقمَّص دور آلة اللعب عبر ألعاب الفيديو التفاعلية.
وفي المكتب سيؤدِّي دور الحاسوب للمهام المكتبية وحضور الاجتماعات المهمة دون تكبُّد مشقَّة الانتقال من مكان إلى آخر، أما حجرة المعيشة فسيؤدي دور مركز ترفيه كمشغل للألعاب وأفلام السينما مباريات كرة القدم، وفي المطبخ قد يتحوَّل إلى متجر لشراء الاحتياجات أونلاين، وستزداد فرص التواصل والمشاركة والتفاعل بين الأفراد بعضهم مع بعض، لذا من المتوقع أن يشتدَّ وطيس المعركة بين عمالقة التكنولوجيا نحو إنتاج المزيد من الأجهزة الذكية التي ستشكِّل ما يشبه عملية العبور الصناعي نحو حقبة بشرية أكثر تفاعلية وذكاءً، بطرق جديدة تتميَّز بالسرعة والكفاية والقدرة العالية على توفير الجهد والمال والوقت، وهذا يعود إلى جاذبية الحاسوب، وقدرته على الإبهار، ولا سيما بعد تطور خدمات الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) المترامية الأطراف التي يسهل الاتصال بها تقنيًّا، والتي حوَّلت كوكبنا الكبير إلى قرية صغيرة.
الفكرة من كتاب ثورة الإنفوميديا: الوسائط المعلوماتية وكيف تُغيِّر عالمنا وحياتك؟
يشهد التاريخ بأن البشرية مرَّت بعدة ثورات متعاقبة كان آخرها ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والتي أحدثت القطيعة مع كل ما هو قديم، وأصبح من الواضح جدًّا أننا لا يمكننا تحمُّل تكاليف تفويت الاستفادة من الفرص التي خلقتها تلك الثورة الرقمية، ومن هنا كان هذا الكتاب بمثابة ببليوغرافيا للمستقبل وتحوُّلاته المرتقبة ودليل لاقتحام آفاقٍ جديدة.
مؤلف كتاب ثورة الإنفوميديا: الوسائط المعلوماتية وكيف تُغيِّر عالمنا وحياتك؟
فرانك كيلش (Frank Kelsch): هو خبير ومبرمج نظم ورجل استراتيجيات معلوماتية، قدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1995 مع والديه عندما كان صبيًّا، ويعدُّ الآن من خبراء صناعة الحوسبة والاتصالات، كما قام ببناء وتنظيم أكبر شبكة حاسب في أمريكا الشمالية، واستعانت به كبريات المؤسسات كمستشار وخبير استراتيجيات وتنظيم، وهو محاضر ومتحدِّث دائم في المؤتمرات والمنتديات العامة بصفة منتظمة حول مستقبليات صناعة الحوسبة، من مؤلفاته “ثورة الإنفوميديا الوسائط المعلوماتية وكيف تُغيِّر عالمنا وحياتك؟”.