الله الواحد
الله الواحد
نمضي في رحلة تتحدَّث عن تاريخ معرفة الناس بالألوهية، وكيف بعث الله تعالى الأنبياء برسالة التوحيد، مرورًا بانقسام الناس ومواقفهم أمام تلك الرسالة، وصولًا إلى الإلحاد وأسبابه، إذ إنَّ حديث القرآن عن الله يمزج بين أمرين، أولهما أن العالم فقير إلى الله ويستمد وجوده منه، وثانيهما أن هذا الخالق المدبِّر واحد لا شريك له، أما الإلحاد فهو مرض وليس فكرًا.
ويستطيع القارئ حين يتدبَّر حديث القرآن عن الله أن يلمس براهين الوجود الأعلى مع إغفال مقصود لمنكري هذا الوجود، وهناك هؤلاء الذين يعلمون أن الله حق، ولكن معه شركاء يسمونهم آلهة، فإنَّ الذريعة التي زيَّنت هذا العبث لهم أن هؤلاء الآلهة وسطاء وشفعاء عند الإله الكبير، فلا ارتباط به إلا عن طريقهم!
أمَّا عن الوثنية فقد ترنَّحت تحت ضربات الشيوعية لينتقل أصحابها من الشرك إلى الإلحاد، والعقائد النصرانية لها تاريخ طويل من التوحيد النقي حتى دخلها الرومان وخلطوها بمواريثهم الوثنية، يقول المؤلِّف: «فالرومان لم يتنصَّروا، لكن النصرانية هي التي تروَّمت، وتعاليم السماء خالطها من أركان الوثنية ما أزرى بها».
الفكرة من كتاب المحاور الخمسة للقرآن
القرآن الكريم كتاب يُعرِّف الناس بربهم، على أساس من إثارة العقل، وتعميق النظر، ثم يحوِّل هذه المعرفة إلى مهابة لله، ويقظة في الضمير، ووجل من التقصير، واستعداد للحساب.
عندما يسأل المسلمون: هل لله وحي يهدي العالم القديم والجديد إلى الحقائق، ويخرج الناس كلهم من الظلمات إلى النور؟ فإن إجابتهم المفردة: نعم، هذا القرآن الكريم! وستأتي الدلالة على تلك الإجابة، دلالة تاريخية موجزة، ودلالة موضوعية سوف يبسط الحديث فيها، وهي موضوع الكتاب الذي بين أيدينا.
مؤلف كتاب المحاور الخمسة للقرآن
محمد الغزالي: عالم ومفكر إسلامي مصري، ويعدُّ أحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، وعُرف عنه تجديده في الفكر الإسلامي، كما عُرف بأسلوبه الأدبي في الكتابة واشتهر بلقب أديب الدعوة.
من أبرز مؤلفاته: «عقيدة المسلم»، و«فقه السيرة»، و«كيف تفهم الإسلام»، و«سر تأخر العرب والمسلمين».