علو الهمَّة والقيادة
علو الهمَّة والقيادة
ألم نلاحظ يومًا أن المهام الكبرى والصعبة لا تُوكَل إلا إلى أشخاص معيَّنين عُرِف عنهم علوُّ همَّتهم وحسن تدبيرهم لمؤسَّساتهم والثقة بهم، وهذا أمر طبيعي، فصاحب الهمَّة العالية كما يستفيد من استثمار وقته وعدم تضييعه فهو يفيد غيره ممن حوله، فهذا الإمام النووي كان يقرأ نحو اثني عشر درسًا من دروس الفقه والمنطق وأصول الدين كل يوم على مشايخه دون كسل أو مماطلة، وهذا الدكتور ماردن يرى أن نجاح الرجل يكمن في استغلاله أوقات فراغه والساعات الضائعة وأوقات الانتظار والفسحات في استعمالها والاستفادة منها، فنتائج هذا الأمر باهرة لها سر عظيم، فصاحب الهمة العالية يُنظر إليه كقدوة ولو لم يُقصَد أن يُقتدَى به، ويراه الناس رمزًا قويًّا.
بعد أن عرفنا مراتب الهمم ومزايا أصحاب الهمَّة العالية ننتقل إلى وسائل الصعود بهمَّتنا والرُّقي بها، وأولى هذه الوسائل في اتخاذ هذا الطريق هي المجاهدة والإصرار، ومن دونها لا نُحقِّق أقل الأشياء ولا نتقدَّم أصغر الخُطى، ويحكي لنا ابن القيم عن طالب علمٍ أصابه مرض وحُمَّى، كلما أفاق أخذ كتابه ليقرأ فيه رغم تحذير طبيبه من أن ذلك يُرهِقه، ومثال آخر لجندي أراد التعلُّم وكان مرتَّبه لا يكفي لمجرد طعامه، إذ كان يدَّخر لمجرد شراء قلم وبعض الأوراق، ولم يجد مصدرًا للضوء سوى النار التي تشتعل في أثناء نوبته في الخدمة، ورغم كل هذا لم ييأس ويترك الأمر بكل هذه الحجج والأسباب، فأي عذرٍ نتخذه نحن وأمامنا كل هذه الوسائل لنتعلَّم!
الفكرة من كتاب الهمة طريق إلى القمة
يعيش الإنسان أيامه بأقدارٍ كُتِبَت له، فيتمنى أشياء في حياته تشغل باله فيركض نحوها تارةً، ويملؤه التسويف تارةً أخرى، وإذا ركض انهمك كالآلة حتى ينسى أصله والغاية الكبرى من وجوده في هذه الحياة، ولكن ما الذي يحرِّكنا نحو أهدافنا حقًّا وكيف ننمِّيه ونجعله إيجابيًّا يأخذنا نحو القمة الحقيقية التي نكون بها إضافةً إلى أنفسنا وأمَّتنا وديننا؟ إنها الهمَّة.
مؤلف كتاب الهمة طريق إلى القمة
محمد حسن عقيل موسى الشريف، داعية إسلامي سعودي متخصِّص في علم القرآن والسنة، بالإضافة إلى كونه طيارًا مدنيًّا في الخطوط الجوية العربية السعودية، وأستاذًا جامعيًّا.
ومن أهم مؤلفاته: “أثر المرء في دنياه”، و”مقياس العمل المؤثر”، و”المرأة شؤون وشجون”، و”الأمن النفسي”، بالإضافة إلى عشرات المجلدات التاريخية والقرآنية والدعوية.