كومة القش بكاملها!
كومة القش بكاملها!
بحلول عام 2007 كانت وكالة الأمن القومي الأمريكية تستطيع التنصُّت على قرابة الـ80% من الاتصالات الرقمية عبر العالم، ونظرًا إلى تلك الآلة التجسُّسية العملاقة كانت ربما تحصل بعض الحوادث التي كان يتم فيها إساءة استخدام تلك التقنيات عبر توجيهها إلى مواطنين محليين أو رؤساء أحزاب أو حتى معارضين محليين للحكومة الأمريكية، كما حدث في فضيحة ووترجيت الشهيرة في سبعينيات القرن الماضي، والتي تضمَّنت تجسُّس الحزب الجمهوري الحاكم بقيادة الرئيس ريتشارد نيكسون على مقرَّات الحزب الديمقراطي المعارض لتنتهي تلك المهزلة السياسية باستقالة الرئيس نيكسون وتمت محاكمته إلى أن صدر عفو رئاسي عنه من الرئيس جيرالد فورد.
لذا كانت هناك عقبة قانونية تقيِّد الاستخدام المطلق لتلك التقنيات الرقمية الكبيرة، ففي الوقت الذي كان يتم فيه اعتراض إحدى المكالمات الهاتفية لأحد أفراد الجماعات الإرهابية كان يتم على نحو غير مقصود التقاط حديث بعض المواطنين الأمريكيين، فصدر قانون “مراقبة الاستخبارات الأجنبية” الذي نصَّ صراحة على منع المراقبة المحلية للمواطنين، إلا بعد أن تقدم الحكومة دليلًا دامغًا ومقنعًا للمحاكم القضائية الأمريكية المشكَّلة من قِبل رئيس المحكمة العليا في البلاد أن الهدف المقصود كان عميلًا أجنبيًّا، ولم يكن تتبُّع أحد المواطنين الأمريكيين دون مسوِّغ قانوني معتبر.
وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، تغيَّرت النظرة إلى قوانين مكافحة الإرهاب، حيث أصبحت متقادمة في ظل تغيرات استراتيجية غير مسبوقة، فتم إفساح المجال أمام الآلة السيبرانية لتتملَّص من الأغلال القانونية، فلم تعد المراقبة الإلكترونية لأحد الأمريكيين غير مشروعة، كما تم إلغاء شرط الحيز والذي كان يقضي بتحديد المكان أو الشخص المستهدف بدقة، وبذلك يكون التجميع غير المقصود لبيانات بعض المواطنين الأمريكيين مُعفًى من احتمالية الملاحقة القانونية، كما اشتملت التعديلات القانونية على فقرات ماكرة تُجيز لوكالة الأمن القومي التعامل مع الشركات للحصول على المعلومات والبيانات، مما شكَّل غطاءً قانونيًّا لتلك الشركات لانتهاك خصوصية عملائها لصالح الحكومة الأمريكية.
الفكرة من كتاب المنطقة المعتمة: التاريخ السري للحروب السيبرانية
خلال ديسمبر من العام 2020 اكتشفت الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق الصدفة تعرُّضها لهجوم سيبراني منذ عامين على الأقل شمل وكالات الأسلحة النووية الوطنية، والاحتياطي الفيدرالي، ووزارتي الخزانة والتجارة وكبرى الشركات الأمريكية وما زال الكثير لم يُكشف بعد، فأمريكا القوى العظمى كانت محتلة رقميًّا وهي لا تعلم!
وعلى الناحية الأخرى تقول بعض التقارير إن تكلفة الجرائم الإلكترونية حول العالم ستبلغ حاجز الستة تريليونات دولار سنويًّا بحلول العام 2021، كل تلك الأحداث تُنذر بمستقبل صعب حول ما بات يعرف بالحروب السيبرانية، لذا كانت أهمية الكتاب الذي بين أيدينا حيث يخوض في جذور هذا الواقع الغامض والحروب الجديدة.
مؤلف كتاب المنطقة المعتمة: التاريخ السري للحروب السيبرانية
فرد كابلان (Fred Kaplan): كاتب وصحفي أمريكي متخصص في شؤون الأمن القومي، ولد في 1937 في ذا برونكس في الولايات المتحدة، وحصل على بكالوريوس من كلية أوبرلين، ودرجتي الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية من معهد ماساتشوستس، ويعمل في مجلة سليت الأمريكية، وحاصل على جائزة “بوليتزر” عن مقال نشرته صحيفة بوسطن غلوب.
له أربعة مؤلفات: “المتمردون: ديفيد بترايوس ومؤامرة تغيير الطريقة الأمريكية للحرب”، و”1959: العام الذي تغيَّر فيه كل شيء”، و”المؤمنون بأحلام اليقظة: كيف دمَّرت بضع أفكار كبرى القوة الأمريكية”، و”سحرة هرمجدون”.