بناء بيئة الطفل
بناء بيئة الطفل
بشكل واضح، لم يتم التعامل مع الطفل في منظومات التعليم الأقدم والأكثر انتشارًا بكونه صاحب ذات مستقلة، وله قيمة حقيقية، بل يتم إجباره على التكيُّف اجتماعيًّا في بيئة الكبار، وهذا مخالف لطبيعته في السنوات الأولى من عمره، فالطفل يحمل في داخله جمال الإبداع وروعته، فيمنح الإبداع لروحه النقاء والرهافة، ولذا يحتاج إلى أرق وأدق معاملة مع روحه، قبل الاهتمام بجسده الرقيق الهش، فالأشياء المادية أقل أهمية بالنسبة إليه في هذه المرحلة.
فمع المناخ الاجتماعي المفروض على الطفل، يُلحَق بمدرسة تصبح بمنزلة سجن آخر له، يُعاني فيها جسديًّا ونفسيًّا، فالجميع يُفكِّر في غد الطفل فقط، ووجوده المستقبلي، ولا يهتم أحد بحاضره، حيث يطلبون ويتوقَّعون منه الكثير، وينشغلون بغذائه ونظافته وملبسه، وكأنها الظروف الوحيدة لضمان نموه، في حين يُهمل احتياج الطفل الحقيقي في تطوُّره النفسي، وتلبية احتياجاته الروحية، فيدافع الطفل عن ذلك كله باستخدام طاقته الكامنة في إصدار الأنَّات والصرخات، والتمرُّد والخجل والعصيان، والكذب والأنانية والميول التدميرية، فيعتقد المربُّون أن هذه الوسائل الدفاعية هي خصائص تحدِّد شخصية الطفل، فيحاولون بكل قوة القضاء على هذه الخصائص، وأحيانًا يلجؤون إلى العقاب الجسدي، ولكن غالبًا ما تكون ردات الفعل من جانب الطفل مؤشِّرات عن الخلل النفسي، وأحيانًا عن اضطرابات عصبية من الممكن أن تلازمه بقية حياته، لذا يكون التعليم في الطفولة من أهم قضايا الإنسان.
ولذا من الضروري محاولة بناء بيئة تتلاءم مع احتياجات الطفل، ولكن من المهم الوعي بنقطة أن إطلاق الحرية للطفل، لا يعني تركه لنفسه أو إهماله، وتقليل حجم المساعدة إلى حد عدم الاهتمام بكل الصعاب التي سيواجهها الطفل، ولكن من المهم مساندة نموِّه بعناية ومحبة، وبمجرد وضع الأساسات الصغيرة التي يجتاج إليها الطفل، سيُلاحظ على الفور مدى تنظيمه لنشاطه، ومدى تحوُّله من طفل عبوس ومشاكس إلى طفل سعيد ونشط، مع اكتسابه مهارات عالية لأداء الأنشطة المختلفة.
الفكرة من كتاب الطفل في الأسرة
على الرغم من أن الدكتورة ماريا مونتيسوري عاشت في القرن الماضي، فإن خبرتها واكتشافاتها مع الأطفال ما زالت حية! وقد يعتقد البعض أن مبادئها موضة قديمة، إلا أن ذلك مُخالفٌ للواقع، إذ إن طبيعة الطفل وطريقة تطوُّره الفطرية لا تتغيَّر مهما مضى الزمن.
وفي هذا الكتاب تهتم المؤلفة بعالم الطفل الداخلي، وكيفية بناء شخصيته وكيانه بشكل سليم، وتجنُّب الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الآباء والتي تنتج طفلًا معتلًّا في عواطفه ونفسه وأفكاره، مع تحليلات لشخصية الطفل، وما يعترض نمو فكره الطبيعي من تدخُّلات البالغين.
مؤلف كتاب الطفل في الأسرة
ماريا مونتيسوري Maria Montessori: مربية وفيلسوفة وطبيبة وعالمة إيطالية، مؤسسة منهج مونتيسوري التعليمي الذي يعتمد على طرائق تعليمية وتربوية غير تقليدية للأطفال، عملت مونتيسوري مع الأطفال في المصحات العقلية في أول عهدها بالطب، وأصبحت مساعدة لمدير مدرسة أورثوفرينك للأطفال ناقصي النمو عام 1899م، وافتتحت مدرستها الأولى عام 1907ميلاديًّا.
لديها العديد من المؤلفات منها:
سر الطفولة.
اكتشاف الطفل.
المرشد في تعليم الصغار.
التعليم من أجل السلام.
مونتيسوري في البيت العربي.