نتائج ثورة 1919
نتائج ثورة 1919
تمثَّلت نتائج ثورة 1919 في ثلاثة أمور أساسية؛ أولها تصريح 28 فبراير سنة 1922 والذي يعبر عن مدى استقلال مصر، والحاصل أن بريطانيا أصدرت التصريح في محاولة منها لامتصاص الغضب الشعبي، وأعلنت فيه إلغاءها إعلانها السابق بفرض الحماية على مصر في 1914، كما أعلنت عن سماحها بإنشاء برلمان يتمتَّع بحق الإشراف والرقابة على السياسة والإدارة، ومن ثم سمحت أيضًا بوضع دستور، تعدُّه لجنة مختصة من المصريين، والثاني دستور 1923 الذي يعبِّر عن مدى الديمقراطية المتاحة، فقد توزَّعت فيه السلطة السياسية بين محورين: محور الملك وهو قمة الاستبداد، ومحور الأمة بحسبانها مصدر السلطات، فالسلطة التشريعية يتولاها مجلس النواب والشيوخ، ومجلس النواب منتخب كله ومجلس الشيوخ خُمسان من أعضائه بالتعيين من الملك وثلاثة أخماسه بالانتخاب ورئيسه معين من الملك، والسلطة التنفيذية يتولاها الملك بواسطة وزرائه، والوزارة تستمد شرعيتها من مجلس النواب المنتخب، بما يفيد أن الملك ليس له سلطة منفردة مستقلة، والثالث تكوَّن تنظيم الوفد المصري كتنظيم شعبي يعبر عن الأمة المصرية، فقد نشأ حزب الوفد في قلب أحداث الثورة، وتشكَّلت قيادة وأعضاء الوفد في خضم وقائعها، فصار تنظيمًا مؤسسيًّا تجسَّدت فيه أهدافها، وإن كنا نسميه حزبًا هنا باعتبار ما صار إليه، إلا أنه أبى أن يطلق على نفسه هذا الوصف حتى نهاية وجوده واكتفى بعنوان “الوفد المصري”.
ومن ناحية أخرى كان للثورة نتائج أخرى مهمة مفادها نوع من توازن القوى الداخلية بين ثلاث قوى سياسية هى: سلطة الملك وسلطة الاحتلال وسلطة الأمة، كما أن الأمة لم تعد بعد ثورة 1919 هي أعيان البلاد، ولكنها صارت جماهير الشعب المصري، ويمثلها تنظيم “الوفد المصري”، وقد كانت المشاركة السياسية نوعًا من الصراع السياسي الممتد بين هذه القوى الثلاث، ولكنه صراع يدور في الإطار الذي رسمته مؤسَّسات الدستور وأساليب تشكيلها وعلاقاتها، وصار دستور 1923 نوعًا من أنواع تنظيم وسائل وأساليب الصراع على السلطة بين الأطراف الثلاثة، واستمر الأمر على تلك الحال حتى ثورة 1952.
الفكرة من كتاب ثورة 1919 في تاريخ مصر المعاصر
ينظر “البشري” في هذا الكتاب إلى تاريخ مصر المعاصر نظرة الطائر المحلِّق في السماء، ومن ثم فهو ينقل أحداث التاريخ من تشكُّلها الرأسي المتتابع من ماضٍ وحاضر ومستقبل، إلى المنظور الأفقي بحسبانها كلها حدثت وتمَّت وصارت من الماضي، وهذا المنهج يتيح له أن يستقرئ أحداث التاريخ في تشكُّلاتها التي جرت؛ ليستطيع بالمقارنة بين بعضها وبعض أن يستخلص الدروس والعبر وعوامل التشابه والاختلاف والإنجاز والفشل، ومن ثمَّ فهو يقرأ ثورة 1919 في إطارٍ واسع يستوعب ماضيها وحاضرها وآثارها فيما بعد، بالإضافة إلى الإحاطة بالواقع الذي قامت فيه وكيف كان شكله وكيف كانت ملابساته.
مؤلف كتاب ثورة 1919 في تاريخ مصر المعاصر
طارق البشري: قاضٍ مصري سابق ومفكر إسلامي ومؤرخ، شغل منصب النائب الأول السابق لرئيس مجلس الدولة المصري ورئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع لعدَّة سنوات.
من أهم مؤلَّفاته: “محمد علي ونظام حكمه”، و”سعد زغلول يفاوض الاستعمار”، و”العرب في مواجهة العدوان”، و”الحركة السياسية في مصر 1945- 1953″، و”المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية”، و”دراسات في الديمقراطية المصرية”، و”شخصيات تاريخية”، و”من أوراق ثورة 25 يناير”.