مقدمات الثورة
مقدمات الثورة
ما إن تشكَّل مؤتمر السلام الذي كان سيعقد في فرساي بفرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في أواخر 1918، حتى طلب سعد زغلول وزميلاه من الجمعية التشريعية عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي من المعتمد البريطاني السير ريجنالد وينجت التصريح لهم بالسفر لعرض قضية استقلال مصر على المؤتمر، فما كان من المعتمد إلا أن رفض طلبهم متسائلًا عن صفتهم التي يزعمون حملها للحديث عن الشعب المصري، ومن هذه اللحظة بدأ الحراك النخبوي والشعبي لتشكيل “وفد” من سعد زغلول وعبد العزيز فهمي ومحمد محمود وأحمد لطفي السيد وعبد اللطيف المكباتي ومحمد علي علوبة ومصطفى النحاس وغيرهم، لتمثيل مصر في المؤتمر وعرض قضية استقلالها، وبدأت حملة شاسعة لجمع توكيلات من الشعب لهذا الوفد، ويكون مفاد التوكيل هو أن الموقع عليه ينيب عنه هؤلاء في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة في استقلال مصر استقلالًا تامًّا.
وبدأت حركة جمع التوكيلات في الهيئات الرسمية المجمَّعة للنخب السياسية، كأعضاء الجمعية التشريعية ومجالس المديريات والمجالس البلدية، واتسعت حركة جمع التوكيلات كحركة شعبية تعمُّ المدن والأقاليم، وتولَّد من ممارستها تنظيم مؤسسي أهلي يقوم بها وينشرها بين الأهالي، فلما فطنت السلطة البريطانية لخطورتها أصدرت قرارًا بمنع تداول التوكيلات أو التوقيع عليها، فزاد هذا من نشاط المصريين في جمع التوكيلات، واستمر هذا النشاط السياسي من 13 نوفمبر 1918 حتى 8 مارس 1919، وفي هذا اليوم أصدرت السلطة البريطانية قرارها باعتقال سعد زغلول وجماعة من زعماء الوفد ونفيهم إلى جزيرة مالطة، ونُفِّذ القرار في ذات اليوم، وفي 9 مارس بدأت المظاهرات الشعبية من كلية الحقوق والهندسة والزراعة بالجيزة، ثم طلبة كلية طب قصر العيني وكلية التجارة بشارع المبتديان، ثم عمَّت المظاهرات ميدان السيدة زينب وميدان باب الخلق، وفي 10 مارس سقط أول شهيد، وفي 11 مارس عمَّ الإضراب وبدأت في الأقاليم يوم 12 مارس حركة تقطيع قضبان السكة الحديد وأسلاك البرق والتليفون، وواجهت السلطات البريطانية كل هذا بالقوة المسلحة، فسقط قرابة الألف شهيد في الفترة من 9 مارس إلى 15 مايو.
الفكرة من كتاب ثورة 1919 في تاريخ مصر المعاصر
ينظر “البشري” في هذا الكتاب إلى تاريخ مصر المعاصر نظرة الطائر المحلِّق في السماء، ومن ثم فهو ينقل أحداث التاريخ من تشكُّلها الرأسي المتتابع من ماضٍ وحاضر ومستقبل، إلى المنظور الأفقي بحسبانها كلها حدثت وتمَّت وصارت من الماضي، وهذا المنهج يتيح له أن يستقرئ أحداث التاريخ في تشكُّلاتها التي جرت؛ ليستطيع بالمقارنة بين بعضها وبعض أن يستخلص الدروس والعبر وعوامل التشابه والاختلاف والإنجاز والفشل، ومن ثمَّ فهو يقرأ ثورة 1919 في إطارٍ واسع يستوعب ماضيها وحاضرها وآثارها فيما بعد، بالإضافة إلى الإحاطة بالواقع الذي قامت فيه وكيف كان شكله وكيف كانت ملابساته.
مؤلف كتاب ثورة 1919 في تاريخ مصر المعاصر
طارق البشري: قاضٍ مصري سابق ومفكر إسلامي ومؤرخ، شغل منصب النائب الأول السابق لرئيس مجلس الدولة المصري ورئيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع لعدَّة سنوات.
من أهم مؤلَّفاته: “محمد علي ونظام حكمه”، و”سعد زغلول يفاوض الاستعمار”، و”العرب في مواجهة العدوان”، و”الحركة السياسية في مصر 1945- 1953″، و”المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية”، و”دراسات في الديمقراطية المصرية”، و”شخصيات تاريخية”، و”من أوراق ثورة 25 يناير”.