ثلاثية الحضارة عند مالك بن نبي
ثلاثية الحضارة عند مالك بن نبي
يؤكِّد المفكر الجزائري مالك بن نبي أن جوهر مشكلة أي أمة هي مشكلة حضارة، تسعى لإقامتها، وتوظيف طاقتها للوصول إليها، وهذه الحضارة تتحقَّق -عند مالك- بتفاعل ثلاثة عناصر هي: الإنسان والتراب والوقت، متأثِّرين بعامل حفز هو الفكرة الدينية، فالإنسان العنصر الأول، يلمع في ذهنه مجموعة من الأفكار تدفعه للنشاط والحركة تجاه استخدام الموارد المادية الأولية المتاحة لتحويلها إلى منجز حضاري خلال فترة زمنية معينة، وللوعي بالوقت أهمية خاصة في فكر ابن نبي، حيث إنه قيمة لا تعوَّض، يجب أن تُستغل بأفضل السبل، وهذه العناصر الثلاثة تُقابل عوالم ثلاثة بينها تفاعل وترابط هي: عالم الأشخاص وعالم الأفكار وعالم الأشياء، وتبدأ النهضة من عالم الأفكار إلى عالم الأشخاص فالأشياء.
والقرآن الكريم أوضح هذه الروابط وجلَّاها؛ فبدأ بعالم الأفكار، فهدف إلى هدم منظومة أفكار الجاهلية، وأرسى منظومة أفكار جديدة تُؤسَّس على العدل والرحمة والمساواة والشورى، ثم حمل مُحمد (صلى الله عليه وسلم) هذه الأفكار ليبني بها عالم الأشخاص بدعوة العرب وغيرهم إلى تبني دين الإسلام بقيمه ومقاصده، ومنها نتج عالم الأشياء بمنجزاته المادية والحضارية، التي تمثَّلت في بناء مجتمع ودولة العهد النبوي، ويُرشدنا مالك إلى حقيقة التغيير التي وردت في القرآن متمحورة حول الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾، وهي سُنة لا تتبدل ولا تتغير، وعلى الأمة الإسلامية إذا ما أرادت أن تغير التاريخ أن تغير ما بنفسها.
الفكرة من كتاب فلسفة التاريخ: الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ
يُعدُّ التاريخ الأداة الرئيسة والمنطلق الطبيعي لفهم الحاضر، فالتاريخ ليس مجرد عمل سردي يتتبَّع تطور الإنسان والمجتمعات والنظم فحسب، بل هو مع ذلك كله سجل العبر والعِظات لمن أراد أن يتفكَّر في أحوال الأمم السابقة، أو يتدبَّر السنن التاريخية التي جرت عليهم، والصيرورة التي قامت بها الحضارات وازدهرت، ثم ضعفت، فانتكست، وفلسفة التاريخ هي ذلك العلم والفن المعني باستخلاص مجموعة القواعد التاريخية التي تنبني عليها النظم والمجتمعات، وهو لذلك يقدِّم حزمة لا يستطيع أي مهتم بفهم التاريخ والحضارة وسنن الله في الدول والشعوب أن يتجاهلها، أو يرفض التسلُّح بما تقدمه مدارسها المختلفة من تفسيرات وحقائق لدورات التاريخ والحضارة.
مؤلف كتاب فلسفة التاريخ: الفكر الاستراتيجي في فهم التاريخ
جاسم سلطان: طبيب ومستشار، قطري المولد، درس الطب في القاهرة في فترة السبعينيات، هنالك عاصر الصحوة الإسلامية في الجامعات، بعدها عاد إلى قطر ليمارس العمل المجتمعي خلال فترة التسعينيات وحتى بداية الألفية الثانية، وخلال هذه الفترة شغل عدة مواقع إدارة منها: مدير المجموعة القطرية للتعليم والتدريب، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة «بيت الخبرة» للتدريب والتطوير، ثم ترك الطب وتفرَّغ للعمل الفكري والتأليف؛ فألَّف مجموعة كتب ضمن مشروع النهضة: سلسلة أدوات القادة.
من مؤلفاته: «التراث وإشكالياته الكبرى: نحو وعي جديد بأزمتنا الحضارية»، و«النسق القرآني ومشروع الإنسان: قراءة قيمية راشدة»، و«أزمة التنظيمات الإسلامية: الإخوان نموذجًا»، و«حيرة سؤال القدر»، و«من الصحوة إلى اليقظة: استراتيجية الإدراك للحراك».