اللغات الأفريقية لا تموت
اللغات الأفريقية لا تموت
السؤال الذي يوضِّح حجم الفادحة، هو: ما الفرق بين سياسي يقول إن أفريقيا لا بدَّ لها من الاستعمار، وكاتب يقول إن أفريقيا لا بدَّ لها من اللغات الأوروبية؟ أمَّا الأدب (الأفرو-أوروبي) وهو تراث أقلية فيُقصد به الأدب الذي كتبه أفارقة بلغات أوروبية، إلَّا أنه يؤكد أن الأدب الأفريقي ينبغي أن يُكتب بلغات أفريقية، أي لغات الفلاحين والعمال الأفارقة.
إنَّ اللغات الأفريقية رفضت أن تموت، ورفضت أن تمضي ببساطة، في طريق اللاتينية، لتمسي أحافير للتنقيب اللغوي، والتصنيف، والجدل حولها في مؤتمرات دولية، لأنَّ هذه اللغات، هي المواريث الوطنية لأفريقيا، التي أبقاها الفلاحون الأفارقة.
الحقيقة أنَّ رسالة نغوجي بكل بوضوح، وما ينادي إليه ويؤمن به أن يتقبَّل الكتاب الأفارقة أن أي أدب أفريقي حق ينبغي أن يكتب باللغات الأفريقية، وأنَّهم سيظلون سائرين في مجرد طريق مسدود إن أصرُّوا على الكتابة باللغات الأجنبية، إذ إن ما يريده نغوجي أن تتكرَّس له المؤثرات القادمة حول الأدب الأفريقي، هو المشكلة الأهم، مشكلة الكتابة الأفريقية باللغات الأفريقية، مع كل ما تتطلَّبه لتطوير حساسية أفريقية حقيقية.
بدأ نغوجي واثيونغو الكتابة بالكيكويو سنة 1977، بعد سبع عشرة سنة من التورط في الأدب الأفرو-أوروبي، وبالنسبة إليه كان الأدب الأفرو-إنجليزي، وقد تمت مواجهته بالاتهامات عندما اختار الكتابة بالكيكويو، رغم أن الكيكويو هي لغته الأم، وهذا ما يُبيِّن المدى الذي قطعه الاستعمار في تشويه مشهد الحقائق الأفريقية بقلب الحقيقة عاليها سافلها، واعتبار الشاذ طبيعيًّا والطبيعي شاذًّا، إذ إنَّ واثيونغو يؤمن بأن كتابته بلغة الكيكويو، وهي لغة كينية، أي لغة أفريقية، جزء لا يتجزأ من نضال شعب كينيا وشعوب أفريقيا ضد الاستعمار.
الفكرة من كتاب تصفية استعمار العقل
إنَّ قضية اللغة من أهم القضايا المحورية التي تمسُّ الشعوب وسياساتها وثقافاتها وآدابها، وعن قضية اللغة في الأدب الأفريقي يتحدَّث الكاتب الكيني نغوجي واثيونغو، فمن المثير أن تقرأ كتابًا عن التجربة الأفريقية في الكتابة الإبداعية، وهنا نرى أهمية الترجمة في نقل مختلف العلوم والآداب إلى اللغة العربية.
مؤلف كتاب تصفية استعمار العقل
نغوجي واثيونغو Ngũgĩ wa Thiong’o: روائي ومسرحي وكاتب قصص قصيرة من كينيا، ولد في 5 يناير عام 1938م، كان يومًا رئيس قسم الأدب بجامعة نيروبي، وقضى فترة اعتقال دون محاكمة في سجن مشدَّد الحراسة في كينيا.
من أعماله: “لا تبكِ أيها الطفل”، و”حبة حنطة”، و”بتلات الدم”، و”شيطان على الصليب”، حصل على جائزة لوتس للأدب، وجائزة بارك كيونغ ني، ورُشِّح أكثر من مرة لجائزة نوبل في الآداب.