أزمة اللغة المفروضة على الأدب الأفريقي
أزمة اللغة المفروضة على الأدب الأفريقي
هكذا كان على البلدان الأفريقية، باعتبارها مستعمرات، ومستعمرات جديدة اليوم، أن تعرِّف ذاتها وتعيّنِها في شروط لغات أوروبا: كبلدان أفريقية، ناطقة بالإنجليزية، أو ناطقة بالفرنسية، أو الناطقة بالبرتغالية. ويتساءل المؤلف بلسان الأفارقة قائلًا: كيف وصلنا إلى تقبُّل هذا المنطق القدري لمركز اللغة الإنجليزية الراسخ في أدبنا وفي ثقافتنا وسياستنا؟
ويتبنى وجهة النظر المُضادة البعض الآخر، الذين يرون أنَّه لا بأس في كتابة الأدب الأفريقي باللغة الإنجليزية مثل غابرييل أوكارا، والذي لا يرى صحة نظر البعض في طريقة الكتابة باللغة الإنجليزية كتدنيسٍ للغة، وذلك لأنَّه يزعم أنَّ اللغات الحية تنمو كالكائنات الحية، واللغة الإنجليزية أبعد ما تكون عن لغة ميتة، وثمة نسخ للغة الإنجليزية، أمريكية، وفي جزر الهند الغربية، وأستراليا، وكندا، ونيوزيلندا، وكلها تضيف حياة وحيوية إلى اللغة بينما هي تعكس ثقافتها المعينة، إذن فإنَّه لا بأس أبدًا أن تكون هناك لغة إنجليزية نيجيرية، أو لغة إنجليزية غرب أفريقية، بمقدورها التعبير عن أفكار الأفارقة الخاصة، وتفكيرهم، وفلسفتهم، بطريقتها الخاصة.
يُعبر واثيونغو عن انزعاجه الشديد إزاء هذا الوضع المزري، فهو لا يتقبَّل أن يكون الكتاب الأفارقة، بهذا الهوان، إزاء ما تتطلَّبه لغاتهم منهم، وبهذه الهجومية إزاء ما يطلبون هم من اللغات الأخرى، وبخاصةٍ لغات البلاد التي استعمرتهم.
كان نغوجي في أثناء طفولته ونشأته يتحدَّث بشكل دائم مع إخوته بلغة الكيكويو، يتحدَّث بإحساس اللغة ويستشعر تفاصيلها، إذ إن اللغة لم تكن بالنسبة إليه مجرد خيط من كلمات، بل كان لها قوة إيحائية وراء المعنى المباشر والمعجمي، فلقد وهبتهم اللغة، من خلال الصور والرموز، نظرة عن العالم، وكان للُّغة جمال خاص بها لطالما كان مميزًا بالنسبة إليهم.
الفكرة من كتاب تصفية استعمار العقل
إنَّ قضية اللغة من أهم القضايا المحورية التي تمسُّ الشعوب وسياساتها وثقافاتها وآدابها، وعن قضية اللغة في الأدب الأفريقي يتحدَّث الكاتب الكيني نغوجي واثيونغو، فمن المثير أن تقرأ كتابًا عن التجربة الأفريقية في الكتابة الإبداعية، وهنا نرى أهمية الترجمة في نقل مختلف العلوم والآداب إلى اللغة العربية.
مؤلف كتاب تصفية استعمار العقل
نغوجي واثيونغو Ngũgĩ wa Thiong’o: روائي ومسرحي وكاتب قصص قصيرة من كينيا، ولد في 5 يناير عام 1938م، كان يومًا رئيس قسم الأدب بجامعة نيروبي، وقضى فترة اعتقال دون محاكمة في سجن مشدَّد الحراسة في كينيا.
من أعماله: “لا تبكِ أيها الطفل”، و”حبة حنطة”، و”بتلات الدم”، و”شيطان على الصليب”، حصل على جائزة لوتس للأدب، وجائزة بارك كيونغ ني، ورُشِّح أكثر من مرة لجائزة نوبل في الآداب.