الأدب الأفريقي وقضايا اللغة والترجمة
الأدب الأفريقي وقضايا اللغة والترجمة
هذا هو الوداع الأخير للإنجليزية بوصفها واسطة لأيٍّ من كتابات نغوجي واثيونغو، ليستخدم بعد ذلك لغة الكيكويو، آملًا أن تكون الترجمة العتيقة وسيلته لمتابعة الحوار مع الجميع، فيتحدث عن التجربة الأفريقية في الكتابة الإبداعية، ويُبيِّن لنا أهمية الترجمة في نقل مختلف العلوم والآداب إلى اللغة العربية، حيث تُمكِّننا الترجمة من مطالعة عالم يختلف تمامًا عن عالمنا، وجماليات مختلفة عن تلك التي اعتدناها في الكتابات العربية، وتبقى الترجمة سلاحًا ذا حدََّين، وذلك للفارق الكبير بين اللغة المنقولة عنها واللغة المنقولة إليها، وهو تحدٍّ لا ينجح فيه كل المترجمين، ويحتاج إلى أدوات عديدة كي يتمكَّن المترجم من النقل الصادق للنص الذي بين يديه.
ويروي لنا الكاتب قصَّة الأدب الأفريقي، حيث إنَّه في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر سرق الأوروبيون الكنوز الفنية من أفريقيا لتزيِّن بيوتهم ومتاحفهم؛ أمَّا في القرن العشرين فإنَّ أوروبا سرقت كنوز العقل لتثري لغاتها وثقافاتها، ومما لا شكَّ فيه أن أفريقيا تريد أن تسترد اقتصادها وسياستها وثقافتها ولغاتها، وكتَّابها الوطنيين جميعًا.
وهناك تفسير مُبتذل للحقائق الأفريقية، وهو التفسير الذي يرى نغوجي أن الغربي هو من شجَّعه كي يُزيغ الناس عن رؤية أن الاستعمار لا يزال السبب الأساسي للعديد من معضلات أفريقيا، وإنَّه لنضال دائب، هذا الذي يخوضه الأفارقة من أجل الإمساك من جديد بمبادرتهم الخلاقة في التاريخ، من خلال التحكم الفعلي بكل وسائل تعريف الذات الاجتماعية في الزمان والمكان، إذ إن اختيار اللغة والاستعمال الذي وضعت فيه اللغة، أمرٌ مركزي في معرفة الشعب ذاته في علاقته ببيئته الطبيعية والاجتماعية، بل في علاقته بالكون كله.
الفكرة من كتاب تصفية استعمار العقل
إنَّ قضية اللغة من أهم القضايا المحورية التي تمسُّ الشعوب وسياساتها وثقافاتها وآدابها، وعن قضية اللغة في الأدب الأفريقي يتحدَّث الكاتب الكيني نغوجي واثيونغو، فمن المثير أن تقرأ كتابًا عن التجربة الأفريقية في الكتابة الإبداعية، وهنا نرى أهمية الترجمة في نقل مختلف العلوم والآداب إلى اللغة العربية.
مؤلف كتاب تصفية استعمار العقل
نغوجي واثيونغو Ngũgĩ wa Thiong’o: روائي ومسرحي وكاتب قصص قصيرة من كينيا، ولد في 5 يناير عام 1938م، كان يومًا رئيس قسم الأدب بجامعة نيروبي، وقضى فترة اعتقال دون محاكمة في سجن مشدَّد الحراسة في كينيا.
من أعماله: “لا تبكِ أيها الطفل”، و”حبة حنطة”، و”بتلات الدم”، و”شيطان على الصليب”، حصل على جائزة لوتس للأدب، وجائزة بارك كيونغ ني، ورُشِّح أكثر من مرة لجائزة نوبل في الآداب.